إسراعا يدل على الطيش والخفة ، ولا تبطئ إبطاء يدل على الفخر والكبر (نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) الظاهرة : الصحة والمال وغير ذلك ، والباطنة : النعم التي لا يطلع عليها الناس ، ومنها ستر القبيح من الأعمال ، وقيل : الظاهرة نعم الدنيا ، والباطنة : نعم العقبى ، واللفظ أعم من ذلك كله.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ) نزلت في النضر بن الحارث وأمثاله (أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) معناه أيتبعونهم ولو كان الشيطان يدعوهم إلى النار (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ) يسلم أي يخلص أو يستسلم أو ينقاد ، والوجه هنا عبارة عن القصد (بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) ذكر في البقرة (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) وما بعده ذكر في العنكبوت.
(وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ) الآية إخبار بكثرة كلمات الله ، والمراد اتساع علمه ومعنى الآية : أن شجر الأرض لو كانت أقلاما ، والبحر لو كان مدادا يصب فيه سبعة أبحر صبّا دائما وكتبت بذلك كلمات الله لنفدت الأشجار والبحار ولم تنفد كلمات الله ، لأن الأشجار والبحار متناهية ، وكلمات الله غير متناهية ، فإن قيل : لم لم يقل والبحر مدادا كما قال في الكهف قل لو كان البحر مدادا؟ فالجواب : أنه أغنى عن ذلك قوله : يمدّه لأنه من قولك مدّ الدواة وأمدّها ، فإن قيل لم قال : من شجرة ولم يقل من شجر باسم الجنس الذي يقتضي العموم؟ فالجواب أنه أراد تفصيل الشجر إلى شجرة شجرة حتى لا يبقى منها واحدة ، فإن قيل : لم قال كلمات الله ولم يقل كلم الله بجمع الكثرة؟ فالجواب أن هذا أبلغ لأنه إذا لم تنفد الكلمات مع أنه جمع قلة ، فكيف ينفد الجمع الكثير. وروي أن سبب الآية أن اليهود قالوا : قد أوتينا التوراة وفيها العلم كله فنزلت الآية ؛ لتدل أن ما عندهم قليل من كثير ، والآية على هذا مدنية ، وقيل : إن سببها أن قريشا قالوا إن القرآن سينفد.
(ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) بيان لقدرة الله على بعث الناس وردّ على