من استبعد ذلك (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ) أي يدخل كلا منهما في الآخر بما يزيد في أحدهما وينقص من الآخر ، أو بإدخال ظلمة الليل على ضوء النهار وإدخال ضوء النهار على ظلمة الليل (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) يعني يوم القيامة (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ) يحتمل أن تكون الباء سببية ، أو يكون المعنى ذلك بأن الله شاهد هو الحق (بِنِعْمَتِ اللهِ) يحتمل أن يريد بذلك ما تحمله السفن من الطعام والتجارات ، والباء للإلصاق أو للمصاحبة ، أو يريد الريح فتكون الباء سببية (صَبَّارٍ شَكُورٍ) مبالغة في صابر وشاكر (كَالظُّلَلِ) جمع ظلة وهو ما يعلوك من فوق ، شبّه الموج بذلك إذا ارتفع وعظم حتى علا فوق الإنسان (فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) المقتصد المتوسط في الأمر ، فيحتمل أن يريد كافرا متوسطا في كفره لم يسرف فيه أو مؤمنا متوسطا في إيمانه ، لأن الإخلاص الذي عليه في البحر كان يزول عنه ، وقيل : معنى مقتصد مؤمن ثبت في البر على ما عاهد الله عليه في البحر (خَتَّارٍ) أي غدّار شديد الغدر ، وذلك أنه جحد نعمة الله غدرا (لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ) أي لا يقضي عنه شيئا ، والمعنى : أنه لا ينفعه ولا يدفع عنه مضرة (وَلا مَوْلُودٌ) أي ولد فكما لا يقدر الوالد لولده على شيء ، كذلك لا يقدر الولد لوالده على شيء (الْغَرُورُ) الشيطان وقيل : الأمل والتسويف (عِلْمُ السَّاعَةِ) أي متى تكون ، فإن ذلك مما انفرد الله بعلمه ، ولذلك جاء في الحديث : مفاتح الغيب خمس (١) وتلا هذه الآية (ما ذا تَكْسِبُ غَداً) يعني من خير أو شر أو مال أو ولد أو غير ذلك.
__________________
(١). أورده المناوي في التيسير ولفظه : مفاتيح الغيب خمس وعزاه للبخاري وأحمد عن عبد الله بن عمر.