إذا مسه أحد أصابت الحمى له وللذي مسه ، فصار هو يبعد عن الناس وصار الناس يبعدون عنه (وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً) يعني العذاب في الآخرة وهذا تهديد ووعيد (ظَلْتَ) أصله ظللت ، حذفت إحدى اللامين والأصل في معنى ظل : أقام بالنهار ، ثم استعمل في الدأب على الشيء ليلا ونهارا (لَنُحَرِّقَنَّهُ) من الإحراق بالنار ، وقرئ بفتح النون وضم الراء بمعنى نبرده بالمبرد ، وقد حمل بعضهم قراءة الجماعة على أنها من هذا المعنى ، لأن الذهب لا يفنى بالإحراق بالنار ، والصحيح أن المقصود بإحراقه بالنار إذابته وإفساد صورته ، فيصح حمل قراءة الجماعة على ذلك (ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً) أي نلقيه في البحر ، والنسف تفريق الغبار ونحوه (إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ) الآية : من كلام موسى لبني إسرائيل.
(كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ) مخاطبة من الله تعالى لسيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ، وأنباء ما قد سبق : أخبار المتقدمين (ذِكْراً) يعني القرآن (مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ) يعني إعراض تكذيب به (وِزْراً) الوزر في اللغة الثقل ، ويعني هنا العذاب لقوله «خالدين فيه» أو الذنوب لأنها سبب العذاب (وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً) شبه الوزر بالحمل لثقله ، قال الزمخشري : ساء تجري مجرى بئس ، ففاعلها مضمر يفسره حملا ، وقال غيره : فاعلها مضمر يعود على الوزر (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) أي ينفخ الملك في القرن ، وقرأ [أبو عمرو] ننفخ بالنون أي بأمرنا (زُرْقاً) أي زرق الألوان كالسواد ، وقيل : زرق العيون من العمى (يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً) أي يقول بعضهم لبعض في السرّ : إن لبثتم في الدنيا إلا عشر ليال وذلك لاستقلالهم مدّة الدنيا ، وقيل : يعنون لبثهم في القبور (يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً) أي يقول أعلمهم بالأمور ، فالإضافة إليهم إن لبثتم إلا يوما واحدا فاستقل المدّة أشد مما استقلها غيره (يَنْسِفُها رَبِّي) أي يجعلها كالغبار ثم يفرّقها (فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً) الضمير في يذرها للجبال ، والمراد موضعها من الأرض ، والقاع الصفصف : المستوي من الأرض الذي لا ارتفاع فيه (لا تَرى فِيها عِوَجاً) المعروف في اللغة أن العوج بالكسر في المعاني ، وبالفتح في الأشخاص والأرض شخص ، فكان الأصل أن يقال فيها بالفتح ، وإنما قاله بالكسر مبالغة في نفيه ، فإن الذي في المعاني أدق من الذي في الأشخاص ، فنفاه ليكون غاية في نفي العوج من كل وجه (وَلا أَمْتاً) الأمت : هو الارتفاع