أن يريد أرض بني قريظة ، لأنه قال : أورثكم بالفعل الماضي ، وهي التي كانوا أخذوها حينئذ ، وأما غيرها من الأرضين ، فإنما أخذوها بعد ذلك فلو أرادها لقال : يورثكم إنما كررها بالعطف ليصفها بقوله : (لَمْ تَطَؤُها) : أي لم تدخلوها قبل ذلك.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) الآية : سببها أن أزواج رسول الله صلىاللهعليهوسلم تغايرن حتى غمه ذلك وقيل : طلبن منه الملابس ونفقات كثيرة ، وكان أزواجه يومئذ تسع نسوة ؛ خمس من قريش وهنّ : عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسودة بنت زمعة ، وأم حبيبة بنت أبي سفيان ، وأم سلمة بنت أبي أمية المخزومي وأربع من غير قريش وهنّ ميمونة بنت الحارث الهلالية ، وصفية بنت حييّ من بني إسرائيل وزينب بنت جحش الأسدية ، وجويرية بنت الحارث من بني المصطلق (فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) أصل : تعال أن يقوله من كان في موضع مرتفع لمن في موضع منخفض ، ثم استعملت بمعنى أقبل في جميع الأمكنة ؛ وأمتعكن من المتعة وهي الإحسان إلى المرأة إذا طلقت والسراح الطلاق ، فمعنى الآية : أن الله أمر رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يخيّر نساءه بين الطلاق والمتعة إن أرادوا زينة الدنيا ، وبين البقاء في عصمته إن أرادوا الآخرة ، فبدأ صلىاللهعليهوسلم بعائشة : فاختارت البقاء في عصمته ، ثم تبعها سائرهن في ذلك ، فلم يقع طلاق ، وقالت عائشة : خيّرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاخترناه ولم يعد ذلك طلاقا ، وإذا اختارت المخيرة الطلاق : فمذهب مالك أنه ثلاث ، وقيل : طلقة بائنة ، وقيل : طلقة رجعية ووصف السراح بالجميل : يحتمل أن يريد أنه دون الثلاث ، أو يريد أنه ثلاث ، وجماله : حسن الرعي والثناء وحفظ العهد (لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَ) من للبيان لا للتبعيض ، لأن جميعهنّ محسنات (بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) قيل : يعني الزنا ، وقيل : يعني عصيان زوجهن عليه الصلاة والسلام ، أو تكليفه ما يشق عليه ، وقيل : عموم في المعاصي (يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ) أي يكون عذابها في الآخرة مثل عذاب غيرها مرتين ، وإنما ذلك لعلوّ رتبتهن ، لأن كل أحد يطالب على مقدار حاله ، وقرأ أبو عمرو يضعّف بالياء ورفع العذاب على البناء للمفعول ، وقرأ ابن عامر وابن كثير : نضعّف ونصب العذاب على البناء للفاعل (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) قرئ (١) بالياء حملا على لفظ من وبالتاء حملا على المعنى ، وكذلك تعمل ، والقنوت هنا بمعنى الطاعة (نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ) أي يضاعف لها
__________________
(١). ويعمل ، يؤتها وهي قراءة حمزة والكسائي وقرأ الباقون : وتعجل ، نؤتها.