من شئت وتطلق من شئت ؛ وقيل : معناه تتزوج من شئت ، وتترك من شئت ، والمعنى على كل قول توسعة على النبي صلىاللهعليهوسلم ، وإباحة له أن يفعل ما يشاء ، وقد اتفق الناقلون على أنه صلىاللهعليهوسلم كان يعدل في القسمة بين نسائه : أخذا منه بأفضل الأخلاق مع إباحة الله له ، والضمير في قوله منهنّ : يعود على أزواجه صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصة أو على كل ما أحل الله له على حسب الخلاف المتقدم (وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ) في معناه قولان : أحدهما من كنت عزلته من نسائك فلا جناح عليك في ردّه بعد عزله ، والآخر من ابتغيت ومن عزلت سواء في إباحة ذلك ، فمن للتبعيض على القول الأول ، وأما على القول الثاني فنحو قولك : من لقيك ومن لم يلقك سواء (ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَ) أي إذا علمن أن هذا حكم الله قرّت به أعينهن ورضين به ، وزال ما كان بهنّ من الغيرة ، فإن سبب نزول هذه الآية ما وقع لأزواج النبي صلىاللهعليهوسلم من غيرة بعضهن على بعض.
(لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) فيه قولان : أحدهما لا يحل لك النساء غير اللاتي في عصمتك الآن ولا تزيد عليهن ، قال ابن عباس لما خيرهنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاخترن الله ورسوله جازاهن الله على ذلك ، بأن حرّم غيرهنّ من النساء كرامة لهنّ ، والقول الثاني : لا يحل لك النساء غير الأصناف التي سميت ، والخلاف هنا يجري على الخلاف في المراد بقوله : إنا أحللنا لك أزواجك : أي لا يحل لك غير من ذكر حسبما تقدم ، وقيل : معنى لا يحل لك النساء : لا يحل لك اليهوديات والنصرانيات من بعد المسلمات المذكورات وهذا بعيد ، واختلف في حكم هذه الآية ، فقيل : إنها منسوخة بقوله إنا أحللنا لك أزواجك على القول بأن المراد جميع النساء ، وقيل : إن هذه الآية ناسخة لتلك على القول بأن المراد من كان في عصمته ، وهذا هو الأظهر لما ذكرنا عن ابن عباس ، ولأن التسع في حقه عليه الصلاة والسلام كالأربع في حق أمته (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) معناه لا يحل لك أن تطلق واحدة منهن وتتزوج غيرها بدلا منها (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) في هذا دليل على جواز النظر إلى المرأة إذا أراد الرجل أن يتزوجها (إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) المعنى أن الله أباح له الإماء ، والاستثناء في موضع رفع على البدل من النساء ، أو في موضع نصب على الاستثناء من الضمير في حسنهن.
(لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ) سبب هذه الآية ما رواه أنس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لما تزوج زينب بنت جحش ؛ أو لم عليها فدعا الناس ، فلما طعموا قعد نفر في طائفة من البيت ، فثقل ذلك على النبي صلىاللهعليهوسلم ، فخرج ليخرجوا بخروجه ، ومر على حجر