جميع المؤمنات ، ويقوي الأول تخصيص النساء بالإضافة لهن ، ويقوى الثاني أنهن كن لا يحتجبن من النساء على الإطلاق (ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) واختلف فيمن أبيح لهن الظهور له من ملك اليمين ، فقيل : الإماء دون العبيد ، وقيل : الإماء والعبيد ، وهو أولى بلفظ الآية ، ثم اختلف من ذهب إلى هذا فقال قوم : من ملكه من العبيد دون من ملكه غيرهن ، وهذا هو الظاهر من لفظ الآية ، وقال قوم : جميع العبيد كن في ملكهن أو في ملك غيرهن.
(إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) هذه الآية تشريف للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وقد ذكرنا معنى صلاة الله وصلاة الملائكة في قوله يصلي عليكم وملائكته [الأحزاب : ٤٣ (صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فرض إسلاميّ ، فالأمر به محمول على الوجوب ، وأقله مرة في العمر ، وأما حكمها في الصلاة : فمذهب الشافعي أنها فرض تبطل الصلاة بتركه ، ومذهب مالك أنها سنة وصفتها ما ورد في الحديث الصحيح : اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وقد اختلفت الروايات في ذلك اختلافا كثيرا أما السلام على النبي صلىاللهعليهوسلم فيحتمل أن يريد السلام عليه في التشهد في الصلاة ، أو السلام عليه حين لقائه ، وأما السلام عليه بعد موته فقد قال صلىاللهعليهوسلم : من سلم عليّ قريبا سمعته ، ومن سلم عليّ بعيدا أبلغته ، فإن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء (١) (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) إذاية الله هي بالإشراك به ونسبة الصاحبة والولد به ، وليس معنى إذايته أنه يضره الأذى ، لأنه تعالى لا يضره شيء ولا ينفعه شيء ، وقيل : إنها على حذف مضاف تقديره : يؤذون أولياء الله ، والأوّل أرجح ، لأنه ورد في الحديث يقول الله تعالى : «يشتمني ابن آدم وليس له أن يشتمني ، ويكذبني وليس له أن يكذبني ، أما شتمه إياي فقوله : إن لي صاحبة وولدا ، وأما تكذيبه إياي فقوله : لا يعيدني كما بدأني» (٢) وأما إذاية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهي التعرض له بما يكره من الأقوال أو الأفعال ، وقال ابن عباس : نزلت في الذين طعنوا عليه حين أخذ صفية بنت حييّ.
(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) الآية : في البهتان وهو ذكر الإنسان بما ليس فيه ، وهو أشد من الغيبة ، مع أن الغيبة محرمة ، وهي ذكره ما فيه مما يكره (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ) كان نساء
__________________
(١). روى الإمام أحمد الشطر الأخير من الحديث عن أوس بن أبي أوس الثقفي ج ٣ ص ٨.
(٢). رواه البخاري عن ابن عباس وأوله : كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك. الإتحافات السنية للمناوي.