اللؤلؤ والمرجان : أي من أحدهما ، وقيل : معناه على رجل من رجلين من القريتين ، فالرجل الذي من مكة الوليد بن المغيرة ، وقيل : عتبة بن ربيعة ، والرجل الذي من الطائف عروة بن مسعود ، وقيل حبيب بن عمير ، ومعنى الآية أن قريشا استبعدوا نزول القرآن على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واقترحوا أن ينزل على أحد هؤلاء ، وصفوه بالعظمة يريدون الرئاسة في قومه وكثرة ماله ، فردّ الله عليهم بقوله (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) يعني أن الله يخص بالنبوّة من يشاء من عباده ؛ على ما تقتضيه حكمته وإرادته ، وليس ذلك بتدبير المخلوقين ، ولا بإرادتهم ، ثم أوضح ذلك بقوله (نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) أي كما قسمنا المعايش في الدنيا كذلك قسمنا المواهب الدينية ، وإذا كنا لم نهمل الحظوظ الفانية الحقيرة ، فأولى وأحرى أن لا نهمل الحظوظ الشريفة الباقية (لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) وهو من التسخير في الخدمة : أي رفعنا بعضهم فوق بعض ليخدم بعضهم بعضا (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) هذا تحقير للدنيا ، والمراد برحمة ربك هنا النبوة وقيل : الجنة.
(وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) الآية : تحقير أيضا للدنيا ، ومعناها لو لا أن يكفر الناس كلهم ، لجعلنا للكفار سقفا من فضة ، وذلك لهوان الدنيا على الله ، كما قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها جرعة ماء (١) (وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ) المعارج : الأدراج والسلالم ، ومعنى يظهرون يرتفعون ، ومنه «فما استطاعوا أن يظهروه» والسرر جمع سرير ، والزخرف الذهب (٢) ، وقيل أثاث البيت من الستور والنمارق ، وشبه ذلك وقيل : هو التزويق والنقش وشبه ذلك من التزيين ؛ كقوله : (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ) [يونس : ٢٤] (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً) يعش من قولك : عشي الرجل إذا أظلم بصره ، والمراد به هنا ظلمة القلب والبصيرة ، وقال الزمخشري : يعشى بفتح الشين إذا حصلت الآفة في عينيه ، ويعشو بضم الشين إذا نظر نظرة الأعشى ، وليس به آفة ، فالفرق بينهما كالفرق بين
__________________
(١). أورده المناوي في التيسير وعزاه للترمذي والضياء المقدسي عن سهل بن سعد الساعدي وبلفظ : تزن بدل : تعدل ، وشربة بدل : جرعة.
(٢). قوله : لما متاع قرأ عاصم وحمزة بالتشديد وقرأ الباقون بالتخفيف.