يعلم باستماعهم حتى أعلمه الله بذلك ، وقيل : بل علم بهم واستعد لهم واجتمع معهم ، وقد ورد في ذلك عن عبد الله بن مسعود أحاديث مضطربة ، وسبب استماع الجن أنهم لما طردوا من استراق السمع من السماء برجم النجوم قالوا : ما هذا إلا لأمر حدث ، فطافوا بالأرض ينظرون ما أوجب ذلك ، حتى سمعوا قراءة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في صلاة الفجر في سوق عكاظ ، فاستمعوا إليه وآمنوا به (أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى) في هذا دلالة على أنهم كانوا على دين اليهود ، وقيل : كانوا لم يعلموا ببعث عيسى (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) ذكر في البقرة [٨٩] (داعِيَ اللهِ) هو رسول الله صلىاللهعليهوسلم (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) من هنا للتبعيض على الأصح ، أي يغفر لكم الذنوب التي فعلتم قبل الإسلام ، وأما التي بعد الإسلام فهي في مشيئة الله ، وقيل : معنى التبعيض أن المظالم لا تغفر وقيل : إن من زائدة (وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) أي من النار ، واختلف الناس هل للجن ثواب زائد على النجاة من النار ، أم ليس لهم ثواب إلا النجاة خاصة (وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ) الآية : يحتمل أن يكون من كلام الجن ، أو من كلام الله تعالى ، ومعنى ليس بمعجز أي لا يفوت (أَوَلَمْ يَرَوْا) الآية : احتجاج على بعث الأجساد بخلق السموات والأرض (وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَ) يقال : عييت بالأمر إذا لم تعرفه ، فالمعنى أنه تعالى علم كيف خلق السموات والأرض ، وأحكم خلقتها ، فلا شك أنه قادر على إحياء الموتى (بِقادِرٍ) في موضع رفع لأنه خبر أن ، وإنما دخلت الباء لاشتمال النفي في أول الآية على أن وخبرها (بَلى) جواب لما تقدم ، أي هو قادر على أن يحي الموتى (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) هذا خطاب للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أي اصبر على تكذيب قومك وأولوا العزم هم ، نوح وإبراهيم وعيسى وموسى ، وقيل : هم الثمانية عشر المذكورون في سورة الأنعام لقوله : فبهداهم اقتده ، وقيل : كل من لقي من أمته شدة ، وقيل : الرسل كلهم أولوا عزم ، فمن الرسل على هذا لبيان الجنس وعلى الأقوال المتقدمة للتبعيض (وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) أي لا تستعجل نزول العذاب بهم ، فإنهم صائرون إليه فإنهم إذا هلكوا كأنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة من نهار لاستقصار أعمارهم (بَلاغٌ) خبر ابتداء مضمر تقديره : هذا الذي وعظتم به بلاغ بمعنى : كفاية في الموعظة ، أو بلاغ من الرسول عليه الصلاة والسلام ، أي بلغ هذه المواعظ والبراهين.