وقيل : المعنى قد علمنا ما يحصل في بطن الأرض من موتاهم ، والأول قول ابن عباس والجمهور وهو أظهر (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) يعني اللوح المحفوظ ، ومعنى حفيظ : جامع لا يشذ عنه شيء. وقيل : معناه محفوظ من التغيير والتبديل. (بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ) هذا الإضراب أتبع به الإضراب الأول ، للدلالة على أنهم جاءوا بما هو أقبح من تعجبهم ، وهو التكذيب بالحق الذي هو النبوة ، وما تضمنته من الإخبار بالحشر وغير ذلك ، وقال ابن عطية : هذا الإضراب عن كلام محذوف تقديره : ما أجادوا النظر ونحو ذلك (فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) أي مضطرب ، لأنهم تارة يقولون : شاعر ، وتارة ساحر ، وغير ذلك من أقوالهم. وقيل : معناه منكر ، وقيل : ملتبس. وقيل : مختلط.
(وَزَيَّنَّاها) يعني بالنجوم (وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) أي من شقوق ، وذلك دليل على إتقان الصنعة (رَواسِيَ) يعني الجبال (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) أي من كل نوع جميل (ماءً مُبارَكاً) يعني المطر كله وقيل : الماء المبارك ماء مخصوص ينزله الله كل سنة ، وليس كل مطر يتصف بالمبارك ، وهذا ضعيف (حَبَّ الْحَصِيدِ) هو القمح والشعير ونحو ذلك مما يحصد (باسِقاتٍ) أي طويلات (طَلْعٌ نَضِيدٌ) الطلع أول ما يظهر من الثمر ، وهو أبيض منضد كحب الرمان ، فما دام ملتصقا بعضه ببعض فهو نضيد ، فإذا تفرق فليس بنضيد (كَذلِكَ الْخُرُوجُ) تمثيل لخروج الموتى من القبور بخروج النبات من الأرض (وَأَصْحابُ الرَّسِ) قوم كانت لهم بئر عظيم وهي الرس ، بعث إليهم نبي فجعلوه في الرس وردموا عليه فأهلكهم الله (وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ) يعني قوم شعيب وقد ذكر (وَقَوْمُ تُبَّعٍ) ذكر في الدخان [٣٧] (فَحَقَّ وَعِيدِ) أي حل بهم الهلاك (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ) يقال : عيي بالأمر إذا لم يعرف علمه ، والخلق الأول : خلق الإنسان من نطفة ثم من علقة وقيل : يعني خلق آدم ، وقيل خلق السموات والأرض ، والأول أظهر ، ومقصود الآية الاستدلال بالخلقة الأولى على البعث والهمزة للإنكار (بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) أي هم في شك من البعث ، وإنما نكّر الخلق الجديد ؛ لأنه كان غير معروف عند الكفار المخاطبين ، وعرّف الخلق الأول لأنه معروف معهود. (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) يعني جنس الإنسان ، ومعنى توسوس به نفسه : تحدثه نفسه في فكرتها. وذلك أخفى الأشياء وقيل : يعني آدم ووسوسته عند أكله من الشجرة ، والأول