السياط (مِنْ غَمٍ) بدل من المجرور قبله (وَذُوقُوا) التقدير يقال لهم ذوقوا (مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) من لبيان الجنس أو للتبعيض وفسرنا الأساور في [الكهف : ٣١] (وَلُؤْلُؤاً) بالنصب مفعول بفعل مضمر أي يعطون لؤلؤا ، أو معطوف على موضع من أساور إذ هو مفعول ، وبالخفض معطوف على أساور أو على ذهب (الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) قيل : هو لا إله إلا الله ، واللفظ أعم من ذلك (صِراطِ الْحَمِيدِ) أي صراط الله ، فالحميد اسم الله ، ويحتمل أن يريد الصراط الحميد ، وأضاف الصفة إلى الموصوف كقولك : مسجد الجامع (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) خبره محذوف يدل عليه قوله نذقه من عذاب أليم ، وقيل : الخبر يصدون على زيادة الواو ، وهذا ضعيف ، وإنما قال : يصدون بلفظ المضارع ليدل على الاستمرار على الفعل (سَواءً) بالرفع (١) مبتدأ وخبره مقدر ، والجملة في موضع المفعول الثاني لجعلنا ، وقرأ حفص بالنصب على أنه المفعول الثاني والعاكف فاعل به (الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) العاكف المقيم في البلد : والبادي (٢) القادم عليه من غيره ، والمعنى : أن الناس سواء في المسجد الحرام ، لا يختص به أحد دون أحد وذلك إجماع ، وقال أبو حنيفة : حكم سائر مكة في ذلك كالمسجد الحرام ، فيجوز للقادم أن ينزل منها حيث شاء ، وليس لأحد فيها ملك ، والمراد عنده بالمسجد الحرام جميع مكة ، وقال مالك وغيره : ليست الدور في ذلك كالمسجد ، بل هي متملكة (بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) الإلحاد الميل عن الصواب ، والظلم هنا عام في المعاصي من الكفر إلى الصغائر ، لأن الذنوب في مكة أشدّ منها في غيرها ، وقيل : هو استحلال الحرام ، ومفعول يرد محذوف تقديره : من يرد أحدا أو من يرد شيئا ، وبإلحاد بظلم : حالان مترادفان ، وقيل : المفعول قوله بإلحاد على زيادة الباء.
(وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) العامل في إذ مضمر تقديره اذكر وبوأنا أصله من باء بمعنى رجع ، ثم ضوعف ليتعدى ، واستعمل بمعنى أنزلنا في الموضع كقوله : تبوئ المؤمنين ، إلا أن هذا المعنى يشكل هنا لقوله لإبراهيم لتعدّى الفعل باللام ، وهو يتعدّى بنفسه حتى قيل : اللام زائدة ، وقيل : معناه هيأنا ، وقيل : جعلنا ، والبيت هنا الكعبة ، وروى أنه كان آدم يعبد الله فيه ، ثم درس بالطوفان ، فدل الله إبراهيم عليهالسلام على مكانه ، وأمره ببنيانه (أَنْ لا تُشْرِكْ) أن
__________________
(١). قرأ حفص وحده بالنصب والباقون بالرفع.
(٢). البادي : قرأها كذلك أبو عمرو وإسماعيل وورش بالياء في الوصل دون الوقف ، وقرأها الباقون بدون ياء وقرأها ابن كثير بالياء وصلا ووقفا.