لظاهر الآية وذكر القيام فيها دون الجلوس (١) ، وحجة مالك فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم (قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ) إن قيل : لم قدم اللهو هنا على التجارة وقدم التجارة قبل هذا على اللهو؟ فالجواب أن كل واحد من الموضعين جاء على ما ينبغي فيه ؛ وذلك أن العرب تارة يبتدئون بالأكثر ثم ينزلون إلى الأقل كقولك : فلان يخون في الكثير والقليل فبدأت بالكثير ثم أردفت عليه الخيانة فيما دونه ، وتارة يبتدئون بالأقل ثم يرتقون إلى الأكثر كقولك : فلان أمين على القليل والكثير فبدأت بالقليل ثم أردفت عليه الأمانة فيما هو أكثر منه ، ولو عكست في كل واحد من المثالين لم يكن حسنا ؛ فإنك لو قدمت في الخيانة القليل لعلم أنه يخون في الكثير. من باب أولى وأحرى ، ولو قدمت في الأمانة ذكر الكثير لعلم أنه أمين في القليل من باب أولى وأحرى ، فلم يكن لذكره بعد ذلك فائدة وكذلك قوله إذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها. قدم التجارة هنا ليبين أنهم ينفضون إليها ، وأنهم مع ذلك ينفضون إلى اللهو الذي هو دونها وقوله : خير من اللهو ومن التجارة قدم اللهو ليبين أن ما عند الله خير من اللهو ، وأنه أيضا خير من التجارة التي هي أعظم منه ، ولو عكس كل واحد من الموضعين لم يحسن.
__________________
(١). هنا غير صحيح فقد ورد في كتاب الهداية للمرغيناني : (ويخطب خطبتين يفصل بينهما بقعدة) به جرى التوارث.