يتعلق بما بعده ، والمعنى على هذا أنه قال في القرآن أساطير الأولين ، لأنه ذو مال وبنين ، يتكبر بماله وبنيه ، والعامل في أن كان على هذا فعل من المعنى ، ولا يجوز أن يعمل فيه قال الذي هو جواب إذا ، لأن ما بعد الشرط لا يعمل فيما قبله والأول أظهر ، وقد تقدم معنى أساطير الأولين (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) أصل الخرطوم : أنف السبع [والفيل] ثم استعير للإنسان استخفافا به ، وتقبيحا له والمعنى نجعل له سمة. وهي العلامة على خرطومه ، واختلف في هذه السمة قيل : هي الضربة بالسيف يوم بدر ، وقيل : علامة من نار تجعل على أنفه في جهنم. وقيل : علامة تجعل على أنفه يوم القيامة ليعرف بها.
(إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ) أي بلونا قريشا كما بلونا أصحاب الجنة ، وكانوا إخوة من بني إسرائيل لهم جنة ، روي أنها بمقربة من صنعاء ، فحلفوا أن لا يعطوا مسكينا منها شيئا ، وباتوا عازمين على ذلك ، فأرسل الله على جنتهم طائفا من نار فأحرقتها ، فلما أصبحوا إلى جنتهم لم يروها ، فحسبوا أنهم أخطئوا الطريق ، ثم تبينوها فعرفوها ، وعلموا أن الله عاقبهم فيها بما قالوا ، فندموا وتابوا إلى الله ، ووجه تشبيه قريش بأصحاب الجنة ؛ أن الله أنعم على قريش ببعث محمد صلىاللهعليهوسلم ، كما أنعم على أصحاب الجنة بالجنة ، فكفر هؤلاء بهذه النعمة كما فعل أولئك ، فعاقبهم الله كما عاقبهم وقيل : شبّه قريشا لما أصابهم الجوع بشدة القحط ، حين دعا عليهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأصحاب الجنة لما هلكت جنتهم (إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ) أي حلفوا أن يقطعوا غلة جنتهم عند الصباح وكانت الغلة ثمرا (وَلا يَسْتَثْنُونَ) في معناه ثلاثة أقوال : أحدها لم يقولوا إن شاء الله حين حلفوا ليصرمنها ، والآخر لا يستثنون شيئا من ثمرها إلا أخذوه لأنفسهم والثالث لا يتوقفون في رأيهم ولا ينتهون عنه أي لا يرجعون عنه (فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ) قال الفراء : الطائف الأمر الذي يأتي بالليل (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) فيه أربعة أقوال : الأول أصبحت كالليل لأنها اسودّت لما أصابها ، والصريم في اللغة الليل الثاني أصبحت كالنهار لأنها ابيضت كالحصيد ويقال : صريم لليل والنهار. الثالث أن الصريم : الرماد الأسود بلغة بعض العرب الرابع أصبحت كالمصرومة أي المقطوعة (فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ) أي نادى بعضهم بعضا حين أصبحوا وقال بعضهم لبعض : (اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ) أي جنتكم (إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ) أي حاصدين لثمرتها (يَتَخافَتُونَ) يكلم بعضهم بعضا في السر ويقولون : (لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ) وأن في قوله : أن اغدوا وأن لا يدخلنها حرف عبارة وتفسير.