(وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ) في الحرد أربعة أقوال : الأول أنه المنع الثاني أنه القصد الثالث أنه الغضب الرابع أن الحرد اسم للجنة وقادرين يحتمل أن يكون من القدرة ، أي قادرين في زعمهم أو من التقدير : بمعنى التضييق أي ضيقوا على المساكين (إِنَّا لَضَالُّونَ) أي أخطأنا طريق الجنة. قالوا ذلك لما لم يعرفوها ، فلما عرفوها ورأوا ما أصابها قالوا : (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) أي حرمنا الله خيرها (قالَ أَوْسَطُهُمْ) أي خيرهم وأفضلهم ومنه أمة وسطا أي خيارا : (لَوْ لا تُسَبِّحُونَ) أي تقولون : سبحان الله وقيل : هو عبارة عن طاعة الله وتعظيمه ، وقيل : أراد الاستثناء في اليمين كقولهم : إن شاء الله. والأول أظهر لقولهم بعد ذلك سبحان ربنا. والمعنى أن هذا الذي هو أفضلهم كان قد حضهم على التسبيح (يَتَلاوَمُونَ) أي يلوم بعضهم بعضا على ما كانوا عزموا عليه من منع المساكين ، أو على غفلتهم عن التسبيح بدليل قوله : ألم أقل لكم لو لا تسبحون (عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها) يحتمل أنهم طلبوا البدل في الدنيا ، أو في الآخرة. والأول أرجح لأنه روي عن ابن مسعود أن الله أبدلهم جنة يحمل البغل منها عنقودا (كَذلِكَ الْعَذابُ) أي مثل هذا العذاب الذي ينزل بأهل الجنة ينزل بقريش.
(أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) الهمزة للإنكار أي كيف يسوّي الله بين المسلمين والمجرمين؟ بل يجازي كل أحد بعمله ، والمراد بالمجرمين هنا الكفار (ما لَكُمْ) توبيخ للكفار وما مبتدأ ولكم خبره ، وتم الكلام هنا فينبغي أن يوقف عليه (كَيْفَ تَحْكُمُونَ) توبيخ آخر أي كيف تحكمون بأهوائكم وتقولون ما ليس لكم به علم؟ (إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ) هذه الجملة معمول تدرسون ، وكان أصل إن الفتح وكسرت لأجل اللام التي في خبرها. وتخيّرون معناه تختارون لأنفسكم ، ومعنى الآية : هل لكم كتاب ، من عند الله تدرسون فيه أن لكم ما تختارونه لأنفسكم (أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ) المعنى هل حلفنا لكم أيمانا أن لكم ما تحكمون؟ ومعنى بالغة ثابتة واصلة إلى يوم القيامة ، وقوله : إن لكم هو جواب القسم الذي يقتضيه الأيمان ، ولذلك أكده بإن واللام وما تحكمون هو اسم إن دخلت عليه اللام المؤكدة (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ)؟ أي يا محمد اسأل قريشا أيهم زعيم بهذه الأمور ، والزعيم : هو الضامن للأمر القائم به (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ) هذا تعجيز للكفار ، ومعناه : إن كان لكم شركاء يقدرون على