شيء فأتوا بهم ، واختلف هل قوله : فليأتوا بهم في الدنيا ، أي أحضروهم حتى يرى حالهم أو يقال لهم ذلك يوم القيامة ؛ والشركاء هم المعبودون من الأصنام وغيرها. وقال الزمخشري : معناه أم لكم ناس يشاركونكم في هذا القول ، ويوافقونكم عليه فأتوا بهم. يعني أنهم لا يوافقهم أحد عليه ، والأول أظهر.
(يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) قال المتأولون ذلك عبارة عن هول يوم القيامة وشدّته ، وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : (١) : ينادي مناد يوم القيامة : لتتبع كل أمة ما كانت تعبد ، فيتبع الشمس من كان يعبد الشمس ، ويتبع القمر من كان يعبد القمر ، ويتبع كل أحد ما كان يعبد ، ثم تبقى هذه الأمة وغبرات من أهل الكتاب معهم منافقوهم فيقال لهم : ما شأنكم فيقولون ننتظر ربنا قال فيجيئهم الله في غير الصورة التي عرفوه فيقول : أنا ربكم فيقولون : نعوذ بالله منك ، قال فيقول : أتعرفونه بعلامة ترونها فيقولون نعم فيكشف لهم عن ساق فيقولون : نعم أنت ربنا ويخرون للسجود فيسجد كل مؤمن ، وترجع أصلاب المنافقين عظما واحدا فلا يستطيعون سجودا وتأويل الحديث كتأويل الآية (وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) تفسيره في الحديث الذي ذكرنا ، فإن قيل : كيف يدعون في الآخرة إلى السجود وليست الآخر دار تكليف؟ فالجواب : أنهم يدعون إليه على وجه التوبيخ لهم على تركهم السجود في الدنيا لا على وجه التكليف والعبادة (وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ) أي قد كانوا في الدنيا يدعون إلى السجود فيمتنعون منه ، وهم سالمون في أعضائهم قادرون عليه (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ) تهديد للمكذبين بالقرآن وإعراب من يكذب مفعول معه أو معطوف ، وقد ذكرنا في الأعراف [١٨٢] سنستدرجهم وما بعده (أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً) معناه أنت لا تسألهم أجرة على الإسلام فتثقل عليهم ، فلا عذر لهم في تركهم الإسلام ، وقد فسرنا هذا وما بعده في الطور [٤٠] (فَاصْبِرْ) يقتضي مسالمة للكفار ، نسخت بالسيف (وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ) هو يونس عليهالسلام وسماه صاحب الحوت ، لأن الحوت ابتلعه ، وهو أيضا ذو النون ، والنون هو الحوت ، وقد ذكرنا قصته في الأنبياء والصافات ، فنهى الله محمدا صلىاللهعليهوسلم أن يكون مثله في الضجر والاستعجال ، حتى ذهب مغاضبا ، وروي أن هذه الآية نزلت لما همّ النبي صلىاللهعليهوسلم أن يدعو على الكفار (إِذْ نادى وَهُوَ
__________________
(١). الحديث رواه الإمام الطبري في تفسير هذه الآية بسنده إلى أبي سعيد الخدري بألفاظ قريبة فانظره فيه.