(شاهِداً عَلَيْكُمْ) أي يشهد على أعمالكم من الكفر والإيمان والطاعة والمعصية ، وإنما يشهد على من أدركه لقوله صلىاللهعليهوسلم : أقول كما قال أخي عيسى (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) [المائدة : ١١٧] (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) يعني موسى عليهالسلام وهو المراد بقوله : فعصى فرعون الرسول فاللام للعهد (أَخْذاً وَبِيلاً) أي عظيما شديدا.
(يَوْماً) مفعول به ، وناصبه تتقون أي : كيف تتقون يوم القيامة وأهواله إن كفرتم وقيل : هو مفعول به على أن يكون كفرتم بمعنى جحدتم ، وقيل ، هو ظرف أي كيف لكم بالتقوى يوم القيامة ، ويحتمل أن يكون العامل فيه محذوف تقديره : اذكروا قوله السماء منفطر به (يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) الولدان جمع وليد وهو الطفل الصغير ، والشيب بكسر الشين جمع أشيب ووزنه فعل بضم الفاء وكسرت لأجل الياء ، ويجعل يحتمل أن يكون مسندا إلى الله تعالى أو إلى اليوم ، والمعنى أن الأطفال يشيبون يوم القيامة ، فقيل : إن ذلك حقيقة ، وقيل : إنه عبارة عن هول ذلك اليوم ، وقيل : إنه عبارة عن طوله (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) الانفطار : الانشقاق ، والضمير المجرور يعود على اليوم أي : تتفطر السماء لشدة هوله ويحتمل أن يعود على الله أي تنفطر بأمره وقدرته والأول أظهر ، والسماء مؤنثة. وجاء منفطر بالتذكير لأن تأنيثها غير حقيقة أو على الإضافة تقديره : ذات انفطار أو لأنه أراد السقف (كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً) الضمير في وعده يحتمل أن يعود على اليوم أو على الله والأول أظهر ؛ لأنه ملفوظ به (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ) الإشارة إلى ما تقدم من المواعظ والوعيد (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) يريد سبيل التقرب إلى الله ، ومعنى الكلام حض على ذلك وترغيب فيه.
(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ) هذه الآية نزلت ناسخة لما أمر به في أول السورة من قيام الليل ، ومعناها أن الله يعلم أنك ومن معك من المسلمين تقومون قياما مختلفا ، مرة يكثر ومرة يقل ، لأنكم لا تقدرون على إحصاء أوقات الليل وضبطها ، فإنه لا يقدر على ذلك إلا الله فخفف عنكم وأمركم أن تقرأوا ما تيسر من القرآن (وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ) من قرأها بالخفض [مثل نافع وابن عامر وأبو عمرو] فهو عطف على ثلثي الليل ، أي تقوم أقل من ثلثي الليل وأقل من نصفه وثلثه ، ومن قرأ بالنصب [باقي القراء] فهو عطف على أدنى أي تقوم أدنى من ثلثي الليل وتقوم نصفه تارة وثلثه تارة (وَطائِفَةٌ) يعني المسلمين وهو معطوف على الضمير الفاعل في تقوم (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) الضمير يعود على ما يفهم من سياق الكلام ، أي لن تحصوا تقدير الليل ، وقيل : معناه لن تطيقوه أي : لن تطيقوا