تنشأ من مضجعها وتقوم للصلاة ، الثاني الجماعات الناشئة الذين يقومون للصلاة ، الثالث العبادة الناشئة بالليل أي تحدث فيه ، الرابع الناشئة القيام بعد النوم فمن قام أول الليل قبل أن ينام فلم يقم ناشئة ، الخامس الناشئة القيام أول الليل بعد العشاء ، السادس الناشئة بعد المغرب والعشاء ، السابع ناشئة الليل ساعاته كلها (هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً) يحتمل معنيين أحدهما : أثقل وأصعب على المصلي ومنه قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : اللهم اشدد وطأتك على مضر (١) ، والأثقل أعظم أجرا ، فالمعنى تحريض على قيام الليل لكثرة الأجر. الثاني أشدّ ثبوتا من أجل الخلوة وحضور الذهن والبعد عن الناس ، ويقرب هذا من معنى أقوم قيلا وقرأ أبو عمرو وابن عامر وطاء بكسر الواو على وزن فعال ومعناه موافقة. أي يوافق القلب اللسان بحضور الذهن (إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً) السبح هنا عبارة عن التصرف في الاشتغال ، والمعنى : يكفيك النهار للتصرف في أشغالك وتفرغ بالليل لعبادة ربك ، وقيل : المعنى إن فاتك شيء من صلاة الليل فأدّه بالنهار فإنه طويل يسع ذلك (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) قيل : معناه قل : بسم الله الرحمن الرحيم في أول صلاتك. واللفظ أعم من ذلك (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) أي انقطع إليه بالعبادة والتوكل عليه وحده. وقيل : التبتل رفض الدنيا. وتبتيلا مصدر على غير قياس (فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) الوكيل هو القائم بالأمور والذي توكل إليه الأشياء ، فهو أمر بالتوكل على الله.
(وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) أي على ما يقول الكفار. والآية منسوخة بالسيف وقيل : إنما المنسوخ المهادنة التي يقتضيها قوله : اهجرهم هجرا جميلا وأما الصبر فمأمور به في كل وقت (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ) هذا تهديد لهم وانتصب المكذبين على أنه مفعول معه أو معطوف (أُولِي النَّعْمَةِ) أي التنعم في الدنيا ، وروي أن الآية نزلت في بني المغيرة وهم قوم من قريش كانوا متنعمين في الدنيا (أَنْكالاً) جمع نكل وهو القيد من الحديد. روي أنها قيود سود من نار (وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ) شجرة الزقوم ومعنى ذا غصة : أي يغصّ به آكلوه وقيل : هو شوك يعترض في حلوقهم لا ينزل ولا يخرج ، وروي أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قرأ هذه الآية فصعق (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ) أي تهتز وتتزلزل والعامل في يوم معنى الكلام المتقدم وهو («إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً» وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً) الكثيب كدس الرمل ، والمهيل اللين الرخو ، الذي تهيله الريح أي تنشره وزنه مفعول ، والمعنى أن الجبال تصير إذا نسفت يوم القيامة مثل الكثيب (إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً) خطاب لجميع الناس ، لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث إلى الناس كافة ، وقال الزمخشري : هو خطاب لأهل مكة
__________________
(١). رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير ج ٣ ص ٢٣٤ عن أبي هريرة.