عليه وعلى آله وسلم معصوم في التبليغ ، فمعنى الآية : أن كل نبي وكل رسول قد جرى له مثل ذلك من إلقاء الشيطان ، واختلف في معنى تمنى وأمنيته في هذه الآية فقيل : تمنى بمعنى تلا ، والأمنية : التلاوة : أي إذا قرأ الكتاب ألقى الشيطان من عنده في تلاوته ، وقيل : هو من التمني بمعنى حب الشيء ، وهذا المعنى أشهر في اللفظ : أي تمنى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مقاربة قومه واستئلافهم ، وألقى الشيطان ذلك في هذه الأمنية ليعجبهم ذلك (فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ) أي يبطله كقولك : نسخت الشمس الظل
(لِيَجْعَلَ) متعلق بقوله ينسخ ويحكم (لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي أهل الشك (وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) المكذبون ، وقيل : الذين في قلوبهم مرض عامة الكفار ، والقاسية قلوبهم أشدّ كفرا وعتّوا كأبي جهل (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) يعني بالظالمين المذكورين قبل ، ولكنه جعل الظاهر موضع المضمر ، ليقضي عليهم بالظلم ، والشقاق : العداوة ، ووصفه ببعيد ، لأنه في غاية الضلال والبعد عن الخير (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قيل : يعني الصحابة ، واللفظ أعم من ذلك.
(أَنَّهُ الْحَقُ) الضمير عائد على القرآن ، وقال الزمخشري : هو لتمكين الشيطان من الإلقاء (فَتُخْبِتَ) أي تخشع (فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) الضمير للقرآن ، أو للنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أو للإلقاء (يَوْمٍ عَقِيمٍ) يعني يوم بدر ، ووصفه بالعقيم لأنه لا ليلة لهم بعده ولا يوم ، لأنهم يقتلون فيه ، وقيل : هو يوم القيامة ، والساعة مقدّماته ، ويقوي ذلك قوله : الملك يومئذ لله ، ثم قسم الناس إلى قسمين : أصحاب الجحيم وأصحاب النعيم (قُتِلُوا أَوْ ماتُوا) روى أن قوما قالوا : يا رسول الله قد علمنا ما أعطى الله لمن قتل من الخيرات ، فما لمن مات معك؟ فنزلت الآية معلمة أن الله يرزق من قتل ومن مات معا ، ولا يقتضي ذلك المساواة بينهم لأن تفضيل الشهداء ثابت (رِزْقاً حَسَناً) يحتمل أن يريد به الرزق في الجنة بعد يوم القيامة ، أو رزق الشهداء في البرزخ ، والأول أرجح ، لأنه يعم الشهداء والموتى (مُدْخَلاً) يعني الجنة (ذلِكَ) تقديره هنا : الأمر ذلك كما يقول الكاتب هذا وقد كان كذا إذا أراد أن يخرج إلى حديث آخر.
(وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ) سمى الابتداء عقوبة باسم الجزاء عليها تجوّزا كما تسمى العقوبة أيضا باسم الذنب ووعد بالنصر لمن بغى عليه (إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) إن قيل