من العذاب (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً) أي لا يذوقون برودة تخفف عنهم حر النار. وقيل : لا يذوقون ماء باردا وقيل : البرد هنا النوم والأول أظهر (إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً) استثناء من الشراب وهو متصل ، والحميم : الماء الحار. والغساق : صديد أهل النار ، وقد ذكر في سورة داود [ص : ٥٧] (جَزاءً وِفاقاً) أي موافقا أعمالهم لأن أعمالهم كفر وجزاؤهم النار ، ووفاقا مصدر وصف به أو هو على حذف مضاف تقديره ذو وفاق (إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً) هذا مثل لا يرجون لقاءنا وقد ذكر (١) (كِذَّاباً) بالتشديد مصدر بمعنى تكذيب وبالتخفيف بمعنى الكذب أو المكاذبة ، وهي تكذيب بعضهم لبعض (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما نزل في أهل النار أشد من هذه الآية» (٢).
(مَفازاً) أي موضع فوز يعني الجنة (حَدائِقَ) أي بساتين (وَكَواعِبَ) جمع كاعب وهي الجارية التي خرج ثديها (أَتْراباً) أي على سن واحد (وَكَأْساً دِهاقاً) أي ملأى وقيل : صافية والأول أشهر (عَطاءً حِساباً) أي كافيا من أحسب الشيء إذا كفاه ، وقيل : معناه على حسب أعمالهم (رَبِّ السَّماواتِ) بالرفع (٣) مبتدأ أو خبر ابتداء مضمر وبالخفض صفة لربك ، والرحمن بالخفض صفة ، وبالرفع خبر المبتدأ أو خبر ابتداء مضمر (لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) قال ابن عطية : الضمير للكفار أي لا يملكون أن يخاطبوه بمقدرة ولا غيرها ، وقيل : المعنى لا يقدرون أن يخاطبهم كقوله : (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ) وقال الزمخشري : الضمير لجميع الخلق أي ليس بأيديهم شيء من خطاب الله (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ) قيل هو جبريل ، وقيل : ملك عظيم يكون هو وحده صفا والملائكة صفا ، وقيل : يعني أرواح بني آدم فهو اسم جنس ويوم يتعلق بلا يملكون أو لا يتكلمون (لا يَتَكَلَّمُونَ) الضمير للملائكة والروح ، أي تمنعهم الهيبة من الكلام إلا من بعد أن يأذن الله لهم. وقول الصواب يكون في ذلك الموطن على هذا. وقيل : الضمير للناس خاصة والصواب المشار إليه قول : لا إله إلا الله أي من قالها في الدنيا (ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُ) أي الحق وجوده ووقوعه (فَمَنْ شاءَ)
__________________
(١). لا يرجون لقاءنا : وردت في سورة يونس ٧ ، ١١ ، ١٥ ، والفرقان : ٢١.
(٢). روى الطبري هذا الحديث. بسنده إلى عبد الله بن عمرو في تفسير الآية.
(٣). قراءة نافع وابن كثير وأبو عمرو. وقرأ عاصم وابن عامر : ربّ بالكسر.