وليس عليه الرونق الذي على الأول (سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى) أي من يخاف الله (وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى) يعني الكافر وقيل : نزلت في الوليد بن المغيرة وعتبة بن ربيعة ، والضمير المفعول للذكرى (النَّارَ الْكُبْرى) هي نار جهنم وسماها كبرى بالنظر إلى نار الدنيا ، وقيل : سماها كبرى بالنظر إلى غيرها من نار جهنم ، فإنها تتفاضل ، وبعضها أكبر من بعض وكلا القولين صحيح. إلا أن الأول أظهر. ويؤيده قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ناركم هذه التي توقدون جزءا من سبعين جزءا من نار جهنم (١) (ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) أي لا يموت فيستريح ، ولا يحيا حياة هنيئة ، وعطف هذه الجملة بثم لأن هذه الحالة أشد من صلي النار فكأنها بعده في الشدة.
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) يحتمل أن يكون بمعنى الطهارة من الشرك والمعاصي ، أو بمعنى الطهارة للصلاة أو بمعنى أداء الزكاة وعلى هذا قال جماعة : إنها يوم الفطر والمعنى أدّى زكاة الفطر (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ) في طريق المصلى إلى أن يخرج الإمام وصلى صلاة العيد ، وقد روي هذا عن النبي صلىاللهعليهوسلم وقيل المراد أدى زكاة ماله وصلى الصلوات الخمس (٢) (إِنَّ هذا) الإشارة إلى ما ذكر من التزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة ، أو إلى ما تضمنته السورة أو إلى القرآن بجملته ، والمعنى أنه ثابت في كتب الأنبياء المتقدمين كما ثبت في هذا الكتاب.
__________________
(١). رواه الشيخان والترمذي عن أبي هريرة.
(٢). الآية : بل تؤثرون الحياة الدنيا : قرأ أبو عمرو : بل يؤثرون. بالياء.