آله وسلم ، وكلا هنا يحتمل أن تكون زجرا لأبي جهل أو بمعنى حقا أو استفتاحا (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) في موضع المفعول من أجله ، أي يطغى من أجل غناه. والرؤية هنا بمعنى العلم ، بدليل إعمال الفعل في الضمير. ولا يكون ذلك إلا في أفعال القلوب ، والمعنى رأى نفسه استغنى واستغنى هو المفعول الثاني (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) هذا تهديد لأبي جهل وأمثاله (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى) اتفق المفسرون أن العبد الذي صلى هو سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم ، وأن الذي نهاه أبو جهل لعنه الله وسبب الآية أن أبا جهل جاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يصلي في المسجد الحرام فهم بأن يصل إليه ويمنعه من الصلاة ، وروي أنه قال : لئن رأيته يصلي ، لأطأنّ عنقه فجاءه وهو يصلي ثم انصرف عنه مرعوبا فقيل له ما هذا؟ فقال لقد اعترض بيني وبينه خندق من نار وهول وأجنحة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا.
(أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى) أرأيت في الموضوع الذي قبله والذي بعده بمعنى : أخبرني ؛ فكأنه سؤال يفتقر إلى جواب وفيها معنى التعجيب والتوقيف والخطاب فيها يحتمل أن يكون للنبي صلىاللهعليهوسلم ، أو لكل مخاطب من غير تعيين ، وهي تتعدى إلى مفعولين وجاءت بعدها إن الشرطية في موضعين وهما قوله : (إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى) وقوله : (إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) فيحتاج إلى كلام في مفعولي أرأيت في المواضع الثلاثة ، وفي جواب الشرطين وفي الضمائر المتصلة بهذه الأفعال ، وهي إن كان على الهدى ، وأمر بالتقوى وكذب وتولى ، على من تعود هذه الضمائر؟ فقال الزمخشري : إن قوله الذي ينهى هو المفعول الأول لقوله : أرأيت الأولى وأن الجملة الشرطية بعد ذلك في موضع المفعول الثاني ، وكررت أرأيت بعد ذلك للتأكيد فهي زائدة لا تحتاج إلى مفعول وإن قوله : ألم يعلم بأن الله يرى هو جواب قوله إن كذب وتولى فهو في المعنى جواب للشرطين معا ، وأن الضمير في قوله : إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى للذي نهى عن الصلاة وهو أبو جهل ، وكذلك الضمير في قوله إن كذب وتولى وتقدير الكلام على هذا : أخبرني عن الذي ينهى عبدا إذا صلى ، إن كان هذا الناهي على الهدى أو كذب وتولى؟ ألم يعلم بأن الله يرى جميع أحواله من هداه وضلاله وتكذيبه ونهيه عن الصلاة وغير ذلك؟ فمقصود الآية تهديد له وزجر وإعلام بأن الله يراه.
وخالفه ابن عطية في الضمائر فقال : إن الضمير في قوله : إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى للعبد الذي صلى ، وأن الضمير في قوله : إن كذب وتولى للذي نهى عن الصلاة ، وخالفه أيضا في جعله أرأيت الثانية مكررة للتأكيد وقال : إنها في المواضع الثلاثة توقيف [سؤال] وأن جوابه في المواضع الثلاثة قوله : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) فإنه