وإنما هي عبارة عن الجزاء. وذكر الله مثقال الذرة تنبيها على ما هو أكثر منه من طريق الأولى ، كأنه قال : من يعمل قليلا أو كثيرا وهذه الآية هي في المؤمنين ، لأن الكافر لا يجازى في الآخرة على حسناته ، إذ لم تقبل منه. واستدل أهل السنة بهذه الآية : أنه لا يخلد مؤمن في النار ؛ لأنه إذا خلد لم ير ثوابا على إيمانه وعلى ما عمل من الحسنات ، وروي عن عائشة أنها تصدقت بحبة عنب فقيل لها في ذلك ؛ فقالت : كم فيها من مثقال ذرة ، وسمع رجلا هذه الآية عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : حسبي الله لا أبالي أن أسمع غيرها (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (١) هذا على عمومه في حق الكافر ، وأما المؤمنون فلا يجازون بذنوبهم إلا بستة شروط : وهي أن تكون ذنوبهم كبائر ، وأن يموتوا قبل التوبة منها وأن لا تكون لهم حسنات أرجح في الميزان منها ، وأن لا يشفع فيهم وأن لا يكون ممن استحق المغفرة بعمل كأهل بدر ، وأن لا يعفو الله عنهم فإن المؤمن العاصي في مشيئة الله إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له.
__________________
(١). يره : قرأها أحد الرواة وهو يحيى بن آدم بسكون الهاء : يره والباقون بإشباع الضمة : يرهو.