الجذوة من النار تكون على رأس العود والقصبة ونحوها (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) يعني هدى إلى الطريق من دليل أو غيره (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) قيل : إنما أمر بخلع نعليه ، لأنهما كانتا من جلد حمار ميت ، فأمر بخلع النجاسة ، واختار ابن عطية أن يكون أمر بخلعهما ليتأدب ، ويعظم البقعة المباركة ويتواضع في مقام مناجاة الله وهذا أحسن (بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ) أي المطهر (طُوىً) في معناه قولان : أحدهما أنه اسم للوادي ، وإعرابه على هذا بدل ، ويجوز تنوينه على أنه مكان ، وترك صرفه على أنه بقعة ، والثاني : أن معناه مرتين ، فإعرابه على هذا مصدر : أي قدس الوادي مرة بعد مرة ، أو نودي موسى مرة بعد مرة (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) قيل : المعنى لتذكرني فيها ، وقيل : لأذكرك بها ، فالمصدر على الأول مضاف للمفعول ، وعلى الثاني مضاف للفاعل ، وقيل : معنى لذكري : عند ذكري كقوله : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) [الإسراء : ٧٨] أي عند دلوك الشمس ، وهذا أرجح ؛ لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم استدل بالآية : على وجوب الصلاة على الناسي إذا ذكرها (أَكادُ أُخْفِيها) اضطرب الناس في معناه ، فقيل : أخفيها بمعنى أظهرها ، وأخفيت هذا من الأضداد.
وقال ابن عطية : هذا قول مختل ، وذلك أن المعروف في اللغة أن يقال : أخفى بالألف من الإخفاء ، وخفي بغير ألف بمعنى أظهر ، فلو كان بمعنى الظهور لقال : أخفيها بفتح همزة المضارع ، وقد قرئ بذلك في الشاذ ، وقال الزمخشري : قد جاء في بعض اللغات أخفى بمعنى خفي : أي أظهر ، فلا يكون هذا القول مختلا على هذه اللغة ، وقيل : أكاد بمعنى أريد ، فالمعنى أريد إخفاءها وقيل : إن المعنى إن الساعة آتية أكاد ، وتم هنا الكلام بمعنى أكاد أنفذها لقربها ، ثم استأنف الإخبار فقال أخفيها ، وقيل : المعنى أكاد أخفيها عن نفسي فكيف عنكم ، وهذه الأقوال ضعيفة ، وإنما الصحيح أن المعنى أن الله أبهم وقت الساعة فلم يطلع عليه أحدا ، حتى أنه كاد أن يخفي وقوعها لإبهام وقتها ، ولكنه لم يخفها إذا أخبر بوقوعها ، فالأخفى على معناه المعروف في اللغة ، وكاد على معناها من مقاربة الشيء دون وقوعه وهذا المعنى هو اختيار المحققين (لِتُجْزى) يتعلق بآتية (بِما تَسْعى) أي بما تعمل (فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها) الضمير للساعة : أي لا يصدنك عن الإيمان بها والاستعداد لها ، وقيل : الضمير للصلاة وهو بعيد ، والخطاب لموسى عليهالسلام ، وقيل : لمحمد صلىاللهعليهوسلم وذلك بعيد (فَتَرْدى) معناه تهلك ، والردى هو الهلاك وهذا الفعل منصوب في جواب : لا يصدّنك.
(وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) إنما سأله ليريه عظيم ما يفعله في العصا من قلبها حية ، فمعنى السؤال تقرير أنها عصا ؛ فيتبين له الفرق بين حالها قبل أن يقلبها ، وبعد أن قلبها ،