عدن ، وقيل : معناه وعدا واجب الوقوع ، لأنه حتمه (فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ) القائل لذلك هو الله عزوجل ، والمخاطب هم المعبودون مع الله على العموم ، وقيل : الأصنام خاصة ، والأول أرجح لقوله : (ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) [سبأ : ٤٠] وقوله : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) [المائدة : ١١٩] (أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ) أم هنا معادلة لما قبلها ، والمعنى أن الله يقول يوم القيامة للمعبودين : أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا من تلقاء أنفسهم باختيارهم ولم تضلوهم أنتم؟ ولأجل ذلك بين هذا المعنى بقوله : «هم» ليتحقق إسناد الضلال إليهم ، فإنما سألهم الله هذا السؤال مع علمه بالأمور ليوبخ الكفار الذين عبدوهم (قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ) [سبأ : ٤١] القائلون لهذا هم المعبودون : قالوه على وجه التبري ممن عبدهم كقولهم : أنت ولينا من دونهم ، والمراد بذلك توبيخ الكفار يومئذ ، وإقامة الحجة عليهم (وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ) معناه أن إمتاعهم بالنعم في الدنيا كان سبب نسيانهم لذكر الله وعبادته (قَوْماً بُوراً) أي هالكين ، وهو من البوار وهو الهلاك ، واختلف هل هو جمع بائر؟ أو مصدر وصف به ولذلك يقع على الواحد والجماعة (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ) هذا خطاب خاطب الله به المشركين يوم القيامة أي : قد كذبكم آلهتكم التي عبدتم من دون الله ، وتبرؤوا منكم. وقيل : هو خطاب للمعبودين : أي كذبوكم في هذه المقالة لما عبدوكم في الدنيا ، وقيل : هو خطاب للمسلمين : أي قد كذبكم الكفار فيما تقولونه من التوحيد والشريعة ، وقرئ بما يقولون (١) بالياء من أسفل ، والباء في قوله بما تقولون على القراءة بالتاء بدل من الضمير في كذبوكم ، وعلى القراءة بالياء كقولك : كتبت بالقلم ، أو كذبوكم بقولهم (فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً) قرئ فما تستطيعون بالتاء فوق ، ويحتمل على هذا أن يكون الخطاب للمشركين أو للمعبودين ؛ والصرف على هذين الوجهين صرف العذاب عنهم ، أو يكون الخطاب للمسلمين والصرف على هذا رد التكذيب ، وقرئ بالياء وهو مسند إلى المعبودين أو إلى المشركين والصرف صرف العذاب (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ) خطاب للكفار وقيل : للمؤمنين وقيل : على العموم (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) تقديره : وما أرسلنا رسلا أو رجالا قبلك ، وعلى هذا المفعول المحذوف يعود الضمير في قوله : إلا أنهم ليأكلون الطعام ، وهذه الآية ردّ على الكفار في استبعادهم بعث رسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق (وَجَعَلْنا
__________________
(١). هي قراءة ابن كثير برواية قنبل وقرأ حفص : تقولون.