(وَزادَهُمْ نُفُوراً) الضمير المفعول في زادهم يعود على المقول وهو اسجدوا للرحمن (بُرُوجاً) يعني المنازل الأثني عشر ، وقيل الكواكب العظام (سِراجاً) يعني الشمس ، وقرئ (١) بضم السين والراء على الجمع : يعني جميع الأنوار ثم خص القمر بالذكر تشريفا (جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) أي يخلف هذا هذا ، وقيل : هو من الاختلاف ، لأن هذا أبيض وهذا أسود ، والخلفة اسم الهيئة : كالركبة والجلسة ، والأصل جعلهما ذوي خلفة (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ) قيل : معناه يعتبر في المصنوعات ، وقيل : معناه يتذكر لما فاته من الصلوات وغيرها في الليل ، فيستدركه في النهار أو فاته بالنهار فيستذكره بالليل ، وهو قول عمر بن الخطاب وابن عباس رضي الله عنهما.
(وَعِبادُ الرَّحْمنِ) أي عباده المرضيون عنده ، فالعبودية هنا للتشريف والكرامة ، وعباد مبتدأ وخبره الذين يمشون ، أو قوله في آخر السورة : أولئك يجزون الغرفة (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) أي رفقا ولينا بحلم ووقار ، ويحتمل أن يكون ذلك وصف مشيهم على الأرض أو وصف أخلاقهم في جميع أحوالهم ، وعبر بالمشي على الأرض عن جميع تصرفهم مدة حياتهم (قالُوا سَلاماً) أي : قالوا قولا سديدا ليدفع الجاهل برفق ، وقيل : معناه قالوا للجاهل : سلاما أي هذا اللفظ بعينه بمعنى : سلمنا منكم قال بعضهم هذه الآية منسوخة بالسيف ، وإنما يصح النسخ في حق الكفار ، أما الإغضاء عن السفهاء والحلم عنهم فمستحسن غير منسوخ (إِنَّ عَذابَها) وما بعده يحتمل أن يكون من كلامهم أو من كلام الله عزوجل (كانَ غَراماً) أي هلاكا وخسرانا ، وقيل ملازما (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا) (٢) الإقتار هو التضييق في النفقة والشح وضده الإسراف ، فنهى عن الطرفين ، وأمر بالتوسط بينهما وهو القوام ، وذلك في الانفاق في المباحات وفي الطاعات ، وأما الانفاق في المعاصي فهو إسراف ، وإن قل (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) أي عقابا ، وقيل : الأثام الإثم فمعناه يلق جزاء أثام ؛ وقيل الأثام : واد في جهنم ، والإشارة بقوله ذلك إلى ما ذكر من الشرك بالله وقتل النفس بغير حق والزنا (وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً) قيل : نزلت في الكفار لأنهم المخلدون في النار بإجماع ، فكأنه قال : الذين يجمعون بين الشرك والقتل والزنا ، وقيل : نزلت في المؤمنين الذين يقتلون النفس ويزنون ، فأما على مذهب المعتزلة
__________________
(١). قرأ حمزة والكسائي : سرجا. والباقون : سراجا.
(٢). قرأ نافع يقتروا. وقرأ أهل الكوفة : يقتروا.