الثاني عشر «ع» آخذين بظواهرها من دون فرق بين الصحيح منها وبين الضعيف ، وبين الشاذ الذي لم يعمل به الأصحاب ، وبين المشهور العمل به ، وبين المرسل وبين المسند.
ومنعوا دراسة علم أصول الفقه باعتبار انّه طريق للاجتهاد ، كما انّهم منعوا الاجتهاد وحرّموا العمل بالظنّ الحاصل بواسطة الاجتهاد.
وجعلوا الأصل في كلّ ما يحتمل الوجوب هو الوجوب ، وذلك للاحتياط في الشبهات وتمسّكوا ب «أخيك دينك فاحتط لدينك» كما انّهم جعلوا الأصل الحرمة في كلّ ما يحتمل الحرمة.
وتسمى هذه الفرقة من الشيعة ب «المحدثين والأخباريين».
والمؤسس لهذه المدرسة هو المرزا محمد أمين الاسترابادي المتوفى سنة (١٠٢٣) ونقح هذه الطريقة في كتابه «الفوائد المدنية».
قال السيد الشهيد محمد باقر الصدر في البحث عن الفكر الأخباري :
ويؤكد الاسترابادي في هذا الكتاب انّ العلوم البشرية على قسمين :
أحدهما العلم الذي يستمدّ قضاياه من الحس ، والآخر العلم الذي لا يقوم البحث فيه على أساس الحسّ ولا يمكن اثبات نتائجه بالدليل الحسّي :
ويرى المحدث الاسترابادي انّ القسم الأول الرياضيات التي تستمدّ خيوطها الأساسية ـ في زعمه ـ من الحسّ.
وأمّا القسم الثاني فيمثل له ببحوث ما وراء الطبيعة التي تدرس قضايا بعيدة عن متناول الحسّ وحدوده ، من قبيل تجرّد الروح ، وبقاء النفس بعد البدن ، وحدوث العالم.
وفي عقيدة المحدث الاسترابادي انّ القسم الأول من العلوم البشرية هو وحده الجدير بالثقة لأنّه يعتمد على الحسّ ، فالرياضيات مثلا تعتمد في النهاية على قضايا في متناول الحسّ ، نظيران (٢+ ٢ ٤).
وأمّا القسم الثاني فلا قيمة له ، ولا يمكن الوثوق بالعقل في النتائج التي يصل إليها في هذا القسم لانقطاع صلته بالحسّ.