بالحديبية (تَحْتَ الشَّجَرَةِ) هي سمرة ، وهم ألف وثلثمائة أو أكثر ، ثم بايعهم على أن يناجزوا قريشا وأن لا يفرّوا من الموت (فَعَلِمَ) الله (ما فِي قُلُوبِهِمْ) من الصدق والوفاء (فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (١٨) هو فتح خيبر بعد انصرافهم من الحديبية (وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها) من خيبر (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (١٩) أي لم يزل متصفا بذلك (وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها) من الفتوحات (فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ) غنيمة خيبر (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) في عيالكم لما خرجتم وهمت بهم اليهود ، فقذف الله في قلوبهم الرعب (وَلِتَكُونَ) أي المعجلة عطف على مقدر أي تشكروه (آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) في نصرهم (وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) (٢٠) أي طريق التوكل عليه ، وتفويض الأمر إليه تعالى (وَأُخْرى) صفة مغانم مقدرا مبتدأ (لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها)
____________________________________
لأنفسهم ، ولما سمع المشركون بهذه البيعة ، خافوا وبعثوا بعثمان وجماعة من المسلمين وكانوا عشرة ، دخلوا مكة بإذنه صلىاللهعليهوسلم.
قوله : (إِذْ يُبايِعُونَكَ) ظرف لرضي ، وعبر بصيغة المضارع استحضارا لصورة المبايعة. قوله : (تَحْتَ الشَّجَرَةِ) معمول ليبايعونك. قوله : (هي سمرة) بضم الميم من شجر الطلح وهو الموز ، كما عليه جمهور المفسرين في قوله تعالى : (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) وهذه الشجرة قد أخفيت ، لئلا يحصل الافتتان بها ، وروي أن عمر بلغه أن قوما يأتون الشجرة ويصلون عندها فتوعدهم ، ثم أمر بقطعها فقطعت. قوله : (أو أكثر) وقيل أربعمائة وهو الصحيح ، وقيل خمسمائة. قوله : (أن يناجزوا قريشا) أي يقاتلوهم. قوله : (ما فِي قُلُوبِهِمْ) معطوف على (يُبايِعُونَكَ.) قوله : (بعد انصرافهم من الحديبية) أي في ذي الحجة ، فأقام صلىاللهعليهوسلم بالمدينة بقيته وبعض المحرم ، ثم خرج إلى خيبر في بقية المحرم سنة سبع. قوله : (وَمَغانِمَ) معطوف على (فَتْحاً) و (يَأْخُذُونَها) صفة لمغانم أو حال منها.
قوله : (وَعَدَكُمُ اللهُ) الالتفات إلى الخطاب لتشريفهم في مقام الامتنان ، وهو لأهل الحديبية. قوله : (من الفتوحات) أي غير خيبر ، مما استقبلهم بعد ، كفتح مكة وهوازن وبلاد كسرى والروم. قوله : (غنيمة خيبر) مقتضى ما تقدم ، من أن السورة نزلت كلها في رجوعه من الحديبية أن يكون قوله : (فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ) من التعبير بالماضي عن المستقبل ، لتحقق وقوعه من الإخبار بالغيب. قوله : (في عيالكم) أي عن عيالكم ، والجار والمجرور بدل من قوله : (عَنْكُمْ) والمراد بالناس ، أهل خيبر وحلفاؤهم من بني أسد وغطفان. قوله : (لما خرجتم) أي للحديبية ، وقوله : (وهمت بهم اليهود) أي يهود خيبر ، هموا بأخذ عيال النبي والصحابة من المدينة ، في غيبة النبي للحديبية ، وكان هو السبب في أخذ خيبر. قوله : (عطف على مقدر) هذا أحد قولين ، والآخر أنها زائدة ، وعليه فيكون تعليلا لقوله : (كَفَّ.) قوله : (آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) أي أمارة يعرفون بها صدق الرسول صلىاللهعليهوسلم في وعده إياهم ، عند الرجوع من الحديبية بتلك الغنائم. قوله : (أي طريق التوكل عليه) فسر الصراط المستقيم بما ذكر ، لأن الحاصل من الكف ليس إلا ذلك ، ولأن أصل الهدى حاصل قبله.
ـ تنبيه ـ ملخص غزوة خيبر : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما رجع من الحديبية ، أقام بالمدينة بقية ذي الحجة