ونساءهم وصغارهم وأموالهم ، بأن طارت بذلك بين السماء والأرض ومزقته ، وبقي هود ومن آمن معه (فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ) كما جزيناهم (نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) (٢٥) غيرهم (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما) في الذي (إِنْ) نافية أو زائدة (مَكَّنَّاكُمْ) يا أهل مكة (فِيهِ) من القوة والمال (وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً) بمعنى أسماعا (وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً) قلوبا (فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ) أي شيئا من الإغناء ، ومن زائدة (إِذْ) معمولة لأغنى وأشربت معنى التعليل (كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ) حججه البينة (وَحاقَ) نزل (بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٢٦) أي العذاب (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى) أي من أهلها ، كثمود وعاد وقوم لوط (وَصَرَّفْنَا الْآياتِ) كررنا الحجج البينات (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٢٧) (فَلَوْ لا) هلا (نَصَرَهُمُ) بدفع العذاب عنهم (الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره (قُرْباناً) متقربا بهم إلى الله (آلِهَةً) معه وهم الأصنام ، ومفعول اتخذ الأول ضمير محذوف يعود على الموصول أي هم وقربانا الثاني وآلهة بدل منه (بَلْ ضَلُّوا) غابوا (عَنْهُمْ) عند نزول العذاب (وَذلِكَ) أي
____________________________________
(أي كل شيء أراد إهلاكه بها) تفسير لقوله : (بِأَمْرِ رَبِّها.) قوله : (فأهلكت رجالهم) قدر هذا ليعطف عليه قوله : (فَأَصْبَحُوا) الخ ، روي أن هودا لما أحس بالريح ، أخذ المؤمنين ووضعهم في حظيرة ، وقيل خط حولهم خطا ، فكانت الريح لا تعدو الخط ، وجاءت الريح فأمالت الأحقاف على الكفرة ، فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيام ، يسمع لهم أنين ، ثم كشفت عنهم الرمل ، واحتملتهم فقذفتهم في البحر. قوله : (وبقي هود ومن آمن معه) أي وهم آلاف ، وكانت الريح تأتيهم لينة باردة طيبة ، والريح التي تصيب قومه ، شديدة عاصفة مهلكة ، وهي معجزة عظيم لهود عليهالسلام. قوله : (فَأَصْبَحُوا) أي صاروا. قوله : (لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) بتاء الخطاب ونصب المساكن وبياء الغيبة ، مبنيا للمفعول ، ورفع مساكن على أنه نائب الفاعل ، قراءتان سبعيتان ، والمعنى : فصاروا لا يرى إلا أثر مساكنهم ، لأن الريح لم تبق منها إلا الآثار ، والمساكن معطلة .. قوله : (كما جزيناهم) أي عادا.
قوله : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ) أي عادا. قوله : (في الذي) أشار به إلى أن ما موصوله. قوله : (نافية) أي بمعنى ما ، ولم يؤت بلفظها دفعا لثقل التكرار ، ويكون المعنى : ولقد مكنا عادا في الذي لم نمكنكم يا أهل مكة فيه. قوله : (أو زائدة) أي والمعنى : ولقد مكنا عادا في مثل الذي مكناكم فيه ، ويصح أن تكون شرطية ، وجوابها محذوف ، والتقدير : ولقد مكناهم في الذي إن مكناكم فيه طغيتم وبغيتم ، وأوضحها أولها. قوله : (وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً) الخ ، أفرد السمع لأن ما يدرك به متحد وهو الصوت ، بخلاف ما بعده من الأبصار والأفئدة ، فإنه يدرك بهما أشياء كثيرة. قوله : (أي شيئا) أشار بذلك إلى أن (مِنْ شَيْءٍ) مفعول مطلق منصوب بفتحة مقدرة ، منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد. قوله : (معمولة لأغنى) أي لنفيه ، فإن التعليل للنفي ، والمعنى : انتفى نفع هذه الحواس عنهم ، لأنهم كانوا يجحدون ، الخ.
قوله : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ) الخطاب لأهل مكة. قوله : (مِنَ الْقُرى) أي أهلها. قوله : (هلا) أشار بذلك إلى أن (لو لا) تحضيضية. قوله : (ومفعول اتخذوا) الخ ، أي والمعنى : فلا تدفع عنهم العذاب الأصنام الذين اتخذوهم قربانا آلهة ، والمقصود توبيخهم. قوله : (وآلهة بدل منه) هذا أحد