رواه الشيخان (يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا) أي قال بعضهم لبعض (أَنْصِتُوا) أصغوا لاستماعه (فَلَمَّا قُضِيَ) فرغ من قراءته (وَلَّوْا) رجعوا (إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) (٢٩) مخوّفين قومهم العذاب إن لم يؤمنوا ، وكانوا يهودا وقد أسلموا (قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً) هو القرآن (أُنْزِلَ
____________________________________
ذات ليلة وقال : إني أمرت أن أقرأ على الجن الليلة القرآن ، فأيكم يتبعني؟ فأطرقوا ، فتبعه عبد الله بن مسعود ، قال عبد الله بن مسعود : ولم يحضر معه أحد غيري ، قال : فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى مكة ، دخل النبي شعبا يقال له شعب الحجون ، وخط لي خطا ، وأمرني أن أجلس فيه وقال لي : لا تخرج حتى أعود إليك ، فانطلق حتى وصل إليهم ، فافتتح القرآن ، فجعلت أرى أمثال النسور تهوي ، وسمعت لغطا شديدا حتى خفت على نبي الله ، وغشيته أسودة كثيرة حالت بيني وبينه ، حتى لم أسمع صوته ، ثم طفقوا يتقطعون مثل قطع السحاب ذاهبين ، ففرغ النبي منهم مع الفجر ، فانطلق إليّ فقال لي : قد نمت؟ فقلت : لا والله ، ولكني هممت أن آتي اليك لخوفي عليك ، فقال صلىاللهعليهوسلم له : لو خرجت لم آمن عليك أن يتخطفك بعضهم ، فأولئك جن نصيبين ، فقلت : يا رسول الله سمعت لغطا شديدا ، فقال : إن الجن اختصموا في قتيل قتل بينهم ، فتحاكموا إليّ ، فقضيت بينهم بالحق ، وكان عدة هؤلاء اثني عشر ألفا ، وروي عن أنس قال : كنت عند النبي صلىاللهعليهوسلم وهو بظاهر المدينة ، إذ أقبل شيخ يتوكأ على عكازه ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : إنها لنغمة جني ، فقال الشيخ : أجل يا رسول الله ، فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : من أي الجن أنت؟ قال : إني هام بن هيم بن لا قيس بن إبليس ، فقال له النبي : كم أتى عليك من العمر؟ فقال : أكلت عمر الدنيا إلا القليل ، كنت حين قتل هابيل غلاما ابن أعوام ، فكنت أشرف على الآكام ، وأصطاد الهام ، وأجعله بين الأنام ، فقال النبي : بئس العمل ، فقال : يا رسول الله ، دعني من العتب ، فإني ممن آمن مع نوح عليهالسلام ، وعاتبته في دعوته فبكى وأبكاني وقال : والله إني لمن النادمين ، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ، وأتيت هودا فعاتبته في دعوته فبكى وأبكاني وقال : والله إني لمن النادمين ، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ، ولقيت إبراهيم وآمنت به ، وكنت بينه وبين الأرض إذ رمي به في المنجنيق ، وكنت معه في النار إذ ألقي فيها ، وكنت مع يوسف إذ ألقي في الجب ، فسبقته إلى قعره ، ولقيت موسى بن عمران ، وكنت مع عيسى ابن مريم عليهماالسلام ، فقال لي : إن لقيت محمدا فاقرأ عليهالسلام ، قال أنس : فقال النبي : وعليهالسلام ، وعليك السّلام يا هام ، ما حاجتك؟ فقال : إن موسى علمني التوراة ، وإن عيسى علمني الأنجيل ، فعلمني القرآن قال أنس : فعلمه النبي صلىاللهعليهوسلم : سورة الواقعة ، وعم يتساءلون ، وإذا الشمس كورت ، وقل يا أيها الكافرون ، وسورة الأخلاص ، والمعوذتين. ولا منافاة بين هذه القصص ، فلعل الواقعة تعددت ، فإحداها كان بها زيد بن حارثة ، والأخرى كان فيها عبد الله بن مسعود ، والأخرى كان فيها أنس بن مالك ، كما أن قراءة القرآن عليهم تعددت.
قوله : (يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) جمعه مراعاة لمعنى النفر ، ولو راعى لفظه لقال يستمع. قوله : (فَلَمَّا حَضَرُوهُ) أي القرآن والرسول. قوله : (اصغوا) بكسر الهمزة وفتح الغين ؛ من باب رمى ، أو بفتح الهمزة وضم الغين من الرباعي. قوله : (فَلَمَّا قُضِيَ) بالبناء للمفعول في قراءة العامة ، وقرىء شذوذا بالبناء للفاعل ، فالأولى تؤيد عود الضمير على القرآن ، والثانية تؤيد عوده على الرسول.
قوله : (وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) أي بأمر الرسول عليهالسلام ، لأنه جعلهم رسلا إلى قومهم.