الكفار حتى يقاتلوهم (وَأَلْزَمَهُمْ) أي المؤمنين (كَلِمَةَ التَّقْوى) لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وأضيفت إلى التقوى لأنها سببها (وَكانُوا أَحَقَّ بِها) بالكلمة من الكفار (وَأَهْلَها) عطف تفسيري (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٢٦) أي لم يزل متصفا بذلك ، ومن معلومه تعالى أنهم أهلها (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ) رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في النوم عام الحديبية قبل خروجه أنه يدخل مكة هو وأصحابه آمنين ، ويحلقون ويقصرون ، فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا ، فلما خرجوا معه وصدهم الكفار بالحديبية ورجعوا ، وشق عليهم ذلك ، وراب بعض المنافقين نزلت ، وقوله بالحق متعلق بصدق أو حال من الرؤيا ، وما بعدها تفسيرها (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ) للتبرك (آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ) أي جميع شعورها (وَمُقَصِّرِينَ) بعض شعورها وهما حالان
____________________________________
شيء أبدا ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم : فأجره لي ، قال : ما أنا بمجيره لك ، قال : بلى فافعل ، قال : ما أنا بفاعل ، ثم جعل سهل يجره ليرده إلى قريش ، فقال أبو جندل : أي معشر المسلمين ، أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما؟ ألا ترون ما لقيت؟ وكان قد عذب في الله عذابا شديدا. وفي الحديث إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : يا أبا جندل احتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا ، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا وعقدا ، وإنا لا نغدر ، فقام عمر وتكلم طويل منه ما تقدم لنا عند قوله : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) ثم بعد رجوع رسول الله وأصحابه إلى المدينة ، جاءه أبو بصير عتبة بن أسد من قريش مسلما ، فأرسلوا في طلبه رجلين ، فسلمه النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقتل أحدهما ، وفر عنه الآخر ، فأتى أبو بصير سيف البحر وجلس هناك ، فبلغ ذلك أبا جندل وأصحابه من المستضعفين ، فلحقوا به حتى تكاملوا نحوا من سبعين رجلا ، فما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا تعرضوا لها ، فقتلوهم وأخذوا أموالهم ، فأرسلت قريش إلى النبي صلىاللهعليهوسلم تناشده الله والرحم ، بأنه لا يرسل إليهم من أتاه منهم مسلما ، وأبطلوا هذا الشرط ، فأرسل النبي صلىاللهعليهوسلم إلى أبي بصير وأبي جندل ومن معهما فأحضرهم المدينة. قوله : (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) أي اختار لهم ، فهو إلزام إكرام وتشريف ، والمراد تقوى الشرك. قوله : (لا إله إلا الله) هذه رواية أبي بن كعب ، وقيل إنها : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير. وقيل إنها : بسم الله الرحمن الرحيم. قوله : (وَكانُوا أَحَقَّ بِها) أي في علم الله ، لأنه اختارهم لدينه. قوله : (تفسيري) أي لاحق بها ، أو الضمير في (بِها) لكلمة التوحيد ، وفي أهلها للتقوى.
قوله : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا) أي رؤياه صادقة محققة ، لم يدخلها الشيطان ، لأنه معصوم منه هو وجميع الأنبياء ، وتأخيرها لا ينافي كونها حقا وصدقا ، نظير رؤيا يوسف الصديق ، أن أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدون له ، فتأخرت الزمن الطويل ، وبعد ذلك تحققت. قوله : (وراب بعض المنافقين) أي ارتاب ، حيث قال عبد الله بن أبي وعبد الله بن نفيل ورفاعة بن الحرث : والله ما حلقنا ولا قصرنا ، ولا رأينا المسجد الحرام. قوله : (أو حال من الرؤيا) أي فهو متعلق بمحذوف ، والتقدير ملتبسة بالحق ، ويصح أن يكون صفة لمصدر محذوف ، والتقدير صدقا ملتبسا بالحق ، ويصح أن يكون (بِالْحَقِ) قسما وجوابه قوله : (لَتَدْخُلُنَ) الخ ، وعليه فالوقف على قوله : (الحق) وقوله : (لَتَدْخُلُنَ) اللام موطئة لقسم محذوف. قوله : (للتبرك) أي مع تعليم العباد الأدب ، وتفويض الأمر إليه ، وهو جواب عما