قوّته وعقله ورأيه أقله ثلاث وثلاثون سنة أو ثلاثون (وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) أي تمامها وهو أكثر الأشد (قالَ رَبِ) الخ ، نزل في أبي بكر الصديق لما بلغ أربعين سنة بعد سنتين من مبعث النبي صلىاللهعليهوسلم آمن به ثم آمن أبواه ثم ابنه عبد الرحمن وابن عبد الرحمن أبو عتيق (أَوْزِعْنِي) ألهمني (أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ) بها (عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَ) وهو التوحيد (وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ) فأعتق تسعة من المؤمنين يعذبون في الله (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي) فكلهم مؤمنون (إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (١٥) (أُولئِكَ) أي قائلوا هذا القول أبو بكر وغيره (الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ) بمعنى حسن (ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ) حال أي كائنين في جملتهم (وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) (١٦) في قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ) وفي قراءة بالإدغام أريد به الجنس (أُفٍ) بكسر الفاء وفتحها بمعنى مصدر أي نتنا وقبحا (لَكُما) أتضجر منكما (أَتَعِدانِنِي) وفي قراءة بالإدغام (أَنْ أُخْرَجَ) من القبر (وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ) الأمم (مِنْ قَبْلِي) ولم تخرج من القبور (وَهُما
____________________________________
الدين فقال له الراهب : من الرجل الذي في ظل السدرة؟ فقال : هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، فقال الراهب : هذا والله نبي ، وما استظل تحتها بعد عيسى أحد إلا هذا ، وهو نبي آخر الزمان ، فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق وكان لا يفارق النبي صلىاللهعليهوسلم في سفر ولا حضر ، فلما بلغ رسول الله أربعين سنة ، وأكرمه الله تعالى بنبوته ، واختصه برسالته ، آمن به أبو بكر الصديق رضي الله عنه وصدقه ، وهو ابن ثمان وثلاثين سنة ، فلما بلغ أربعين سنة ، دعا ربه عزوجل فقال : (رَبِّ أَوْزِعْنِي) الآية. قوله : (ثم آمن أبواه) أي أبوه عثمان بن عامر بن عمرو ، وكنيته أبو قحافة ، وأمه أم الخير بنت صخر بن عمرو. قوله : (وابن عبد الرحمن) أي واسمه محمد ، وكلهم أدركوا النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولم يجتمع هذا لأحد من الصحابة غير أبي بكر ، وامرأة أبي بكر اسمها قتيلة بنت عبد العزى ، وامرأة أبيه اسمها قيلة. قوله : (ألهمني) أي رغبني ووفقني. قوله : (فأعتق تسعة) أي افتداهم من أيدي الكفار ، وخلصهم من أذاهم ، فهو عتق صوري ، ولم يرد شيئا من الخير إلا أعانه الله عليه.
قوله : (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي) أي أجعل الصلاح ساريا فيهم ، وعبر بفي اشارة إلى أنهم كالظرف للصلاح لتمكنه منهم. قوله : (فكلهم مؤمنون) أي فالصلاح مقول بالتشكيك ، يتحقق بأصل الإيمان ، ويتزايدون فيه على حسب مراتبهم. قوله : (أي قائل القول) أشار بذلك إلى أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. قوله : الّذين يتقبّل هو ، ويتجاوز بالياء مبنيا للمفعول ، أو بالنون مبنيا للفاعل ، قراءتان سبعيتان ، وقرىء شذوذا بالياء مبنيا للفاعل. قوله : (بمعنى حسن) أشار بذلك إلى أن اسم التفضيل ليس على بابه. قوله : (حال) أي من ضمير (عَنْهُمْ.) قوله : (وَعْدَ الصِّدْقِ) مصدر منصوب بفعله المقدر ، أي وعد الله وعد الصدق. قوله : (الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) أي في الدنيا على لسان رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قوله : (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ) الخ ، اسم الموصول معمول لمحذوف تقديره : اذكر يا محمد لقومك