النبي صلىاللهعليهوسلم وتثبيط الناس عن الجهاد معه ، قالوا ذلك سرا فأظهره الله تعالى (وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ) (٢٦) بفتح الهمزة جمع سر ، وبكسرها مصدر (فَكَيْفَ) حالهم (إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ) حال من الملائكة (وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) (٢٧) ظهورهم بمقامع من حديد (ذلِكَ) أي التوفي على الحالة المذكورة (بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ) أي العمل بما يرضيه (فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) (٢٨) (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ) (٢٩) يظهر أحقادهم على النبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين (وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ) عرّفناكهم وكررت اللام في (فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ) علامتهم (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ) الواو لقسم محذوف وما بعدها جوابه (فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) أي معناه : إذا تكلموا عندك بأن يعرضوا بما فيه تهجين أمر المسلمين (وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) (٣٠) (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) نختبركم بالجهاد وغيره (حَتَّى نَعْلَمَ) علم ظهور (الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ) في الجهاد وغيره (وَنَبْلُوَا) نظهر (أَخْبارَكُمْ) (٣١) من طاعتكم وعصيانكم في الجهاد وغيره بالياء
____________________________________
المسلمين عنه ، ونحو ذلك ، لا في كله ، لأنهم لا يوافقونهم في إظهار الكفر. قوله : (وبكسرها) أي وهما قراءتان سبعيتان. قوله : (فَكَيْفَ) خبر لمحذوف قدره بقوله : (حالهم). قوله : (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) أي فملائكة العذاب تأتيهم عند قبض أرواحهم بمقامع من حديد ، يضربون بها وجوههم وأدبارهم. قوله : (على الحالة المذكورة) أي وهي التوفي مع ضرب الوجوه والأدبار. قوله : (بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا) الخ ، راجع لضرب الوجوه ، وقوله : (وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ) راجع لضرب الأدبار. قوله : (ما أَسْخَطَ اللهَ) أي من الكفر وغيره. قوله : (بما يرضيه) أي من الإيمان وغيره من الطاعات.
قوله : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ) الخ ، أي وهم المنافقون المتقدم ذكرهم. قوله : (أحقادهم) جمع حقد وهو الانطواء على العداوة والبغضاء. قوله : (عرفناكهم) أي فالإرادة علمية لا بصرية. قوله : (وكررت اللام) أي في قوله : (فَلَعَرَفْتَهُمْ) للتأكيد ، والمعنى : لو أردنا لدللناك على المنافقين فعرفتهم بسيماهم ، ورد عن ابن مسعود قال : خطبنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ان منكم منافقين ، فمن سميته فليقم ، ثم قال : قم يا فلان ، قم يا فلان : حتى ستة وثلاثين. قوله : (فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) اللحن يقال على معنيين : أحدهما صرف الكلام عن الاعراب إلى الخطأ ، والثاني الكناية بالكلام ، بحيث يكون للكلام ظاهر وباطن ، فيكون ظاهره تعظيما ، وباطنه تحقيرا ، وهو المراد هنا ، ومعنى الآية : وإنك يا محمد ، لتعرفن المنافقين فيما يعرضونه بك من القول ، الذي ظاهره إيمان وإسلام ، وباطنه كفر وسب. قوله : (بما فيه تهجين أمر المسلمين) التهجين التقبيح والتعييب ، فكانوا يصطلحون فيما بينهم على ألفاظ يخاطبون بها الرسول ، ظاهرها حسن ، ويعنون بها القبيح ، كقولهم : راعنا ، وتقدم الكلام على ذلك في سورة البقرة.
قوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) أي فيجازيكم بحسب قصدكم ، ففيه وعد ووعيد. قوله : (بالجهاد وغيره) أي من سائر المشاق كما قال تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ) الآية. قوله : (علم ظهور) أي علما يشاهده خلقنا ، مطابقا لما هو في علمنا الأزلي ، أي فتظهر سرائرهم بين عبادنا. قوله : (في