سَمِيعٌ) لقولكم (عَلِيمٌ) (١) بفعلكم ، نزلت في مجادلة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما على النبي صلىاللهعليهوسلم في تأمير الأقرع بن حابس أو القعقاع بن معبد. ونزل فيمن رفع صوته عند النبي صلىاللهعليهوسلم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ) إذا نطقتم (فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) إذا نطق (وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ) إذا ناجيتموه (كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ) بل دون ذلك إجلالا له (أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (٢) أي خشية ذلك بالرفع والجهر المذكورين ، ونزل فيمن كان يخفض صوته
____________________________________
الصلاة ، فإنما هو لحم عجله لأهله ، ليس من النسك في شيء ، وما ورد عن عائشة أنه في النهي عن صوم يوم الشك ، أي لا تصوموا قبل أن يصوم نبيكم ، وقال الضحاك : وهو عام في القتال وشرائع الدين ، أي لا تقطعوا أمرا دون الله ورسوله ، وهو الأولى.
قوله : (وَاتَّقُوا اللهَ) أي في التقدم الذي نهاكم عنه. قوله : (على النبي) الأولى أن يقول عند النبي ، ففي الحديث ، أنه قدم ركب من بني تميم على النبي صلىاللهعليهوسلم وطلبوا أن يؤمر عليهم واحدا منهم ، فقال أبو بكر : أمر القعقاع بن معبد ، وقال عمر : بل أمر الأقرع بن حابس ، فقال أبو بكر : ما أردت إلا خلافي ، وقال عمر : ما أردت خلافك ، فتماريا أي تخاصما ، حتى ارتفعت أصواتهما ، فنزلت تلك الآيات الخمس إلى قوله (غَفُورٌ رَحِيمٌ) ومعنى قول عمر : ما أردت خلافك ، أي ما أردت مخالفتك تعنتا ، وإنما أردت أن تولية الأقرع أصلح بهم ، ولم يظهر لك ذلك. قوله : (ونزل فى من رفع صوته) الخ ، كأبي بكر وعمر في القصة المذكورة ، كما أن قوله : (ونزل فيمن كان يخفض صوته عند النبي) أي كأبي بكر وعمر ، حين بلغهما النهي عن رفع الصوت ، فصارا يخفضان صوتهما عند النبي ، كما أن قوله : (ونزل في) الخ ، هم بنو تميم الذين تكلم في شأنهم أبو بكر وعمر ، فتلخص أنه لما اختلف أبو بكر وعمر في تأمير الأمير على الوفد المذكور ، ولم يصبرا حتى يكون رسول الله هو الذي يشير بذلك ، نزل قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) الآية ، ولما رفعا أصواتهما في تلك القضية ، نزل قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ) الآية ، ولما خفضا أصواتهما بعد ذلك نزل (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ) الآية ، ولما نادى الركب المذكور النبي صلىاللهعليهوسلم من وراء الحجرات نزل (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) الآيتين. قوله : (إذا نطقتم) أي تكلمتم ، وقوله : (إذا نطق) أي تكلم.
قوله : (وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ) لما كانت هذه الجملة كالمكررة مع ما قبلها ، مع أن العطف يأباه ، أشار المفسر إلى أن المراد بالأول ، إذا نطق ونطقتم ، فعليكم أن لا تبلغوا بأصواتكم حدا يبلغه صوته ، بل يكون كلامكم دون كلامه ، والمراد بالثاني أنكم إذا كلمتموه وهو صامت ، فلا ترفعوا أصواتكم ، كما ترفعونها فيما بينكم. قوله : (ناجيتموه) أي كلمتموه وهو صامت. قوله : (بل دون ذلك) راجع لكل من النهيين ، أي بل اجعلوا أصواتكم دون صوته ، ودون جهر بعضكم لبعض ، وقوله : (إجلالا له) تعليل لما تضمنه قوله : (بل دون ذلك).
قوله : (أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ) أي يبطل ثوابها ، وقوله : (وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) أي بحبوطها. قوله : (أي خشية ذلك) أشار إلى (أَنْ تَحْبَطَ) على حذف مضاف ، أي خشية الحبوط ، والخشية منهم وقد تنازعه ، لا ترفعوا ولا تجهروا ، فيكون مفعولا لأجله ، والعامل فيه الثاني أو الأول. قوله : (بالرفع والجهر)