مرة» (وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) فيه إكرام لهم بأمر نبيهم بالاستغفار لهم (وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ) متصرفكم لأشغالكم بالنهار (وَمَثْواكُمْ) (١٩) مأواكم إلى مضاجعكم بالليل ، أي هو عالم بجميع أحوالكم لا يخفي عليه شيء منها فاحذروه ، والخطاب للمؤمنين وغيرهم (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا) طلبا للجهاد (لَوْ لا) هلا (نُزِّلَتْ سُورَةٌ) فيها ذكر الجهاد (فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ) أي لم ينسخ منها شيء (وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ) أي طلبه (رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي شك وهم المنافقون (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) خوفا منه وكراهية له ، أي فهم يخافون من القتال ويكرهونه (فَأَوْلى لَهُمْ) (٢٠) مبتدأ خبره (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) أي حسن لك (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) أي فرض القتال (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ) في الإيمان والطاعة (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) (٢١) وجملة لو
____________________________________
يغشى السماء ، والمراد به أنوار تغشى قلبه صلىاللهعليهوسلم ، وسبب استغفاره منها ، أنه صلىاللهعليهوسلم دائما يترقى في الكمالات ، فكلما ارتقى إلى مقام ، رأى أن الذي فيه بالنسبة للذي ارتقى إليه ذنبا ، فيستغفر الله منه.
قوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ) أشار المفسر إلى أن معنى (مُتَقَلَّبَكُمْ) متصرفكم لاشتغالكم بالنهار ، ومعنى (مَثْواكُمْ) مأواكم إلى مضاجعكم بالليل ، وهو أحد تفاسير في هذه الآية ، وقيل (مُتَقَلَّبَكُمْ) من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات وبطونهن ، و (مَثْواكُمْ) في الدنيا وفي القبور ، وقيل (مُتَقَلَّبَكُمْ) في الدنيا ، (وَمَثْواكُمْ) مصيركم في الآخرة إلى الجنة والنار. قوله : (والخطاب للمؤمنين وغيرهم) أي ولكن خطاب المؤمنين ، ارشاد لهم إلى مقام المراقبة لله تعالى ، وهي أن يشاهد الإنسان ، أن الله مطلع عليه في كل لمحة وطرفة وحركة وسكون ، وهذا سر ، وهو معكم أينما كنتم ، وهو مطلب العارفين ، وكنز الراسخين ، قال العارف ابن الفارض :
أنلنا مع الأحباب رؤيتك التي |
|
إليها قلوب الأولياء تسارع |
وقال العارف الدسوقي :
قد كان في القلب أهواء مفرقة |
|
فاستجمعت مذ رأتك العين أهوائي |
تركت للناس دنياهم ودينهم |
|
شغلا بحبك يا ديني ودنيائي |
وفيه فليتنافس المتنافسون ، وخطاب غيرهم تخويف وتحذير.
قوله : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا) الخ ، أي حين اشتد كرب المسلمين من أذى المشركين ، تمنوا الأمر بالجهاد ، ووافقهم في الظاهر على هذا التمني المنافقون ، فهذه الآيات من هنا إلى آخر السورة مدنيات قطعا ، ولو على القول بأن السورة مكية ، لأن القتال لم يشرع إلا بها ، وكذا النفاق لم يظهر إلا بها. قوله : (أي طلبه) أي ذكر فيها الأمر به والحث عليه. قوله : (أي شك) وقيل ضعف في الدين. قوله : (نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ) أي نظرا مثل نظر المغشي عليه ، والمعنى : تشخص أبصارهم كالشخص الذي حضره الموت. قوله : (خوفا منه) أي الموت.
قوله : (فَأَوْلى لَهُمْ) أي الحق والواجب لهم ، أي عليهم الطاعة الخ ، هذا ما مشى عليه المفسر ، وهو أوضح ما قيل في هذا المقام. قوله : (أي حسن) تفسير لمعروف ، وقوله : (لك) متعلق بكل من (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) والمعنى : الواجب عليهم أن يطيعوك ويخاطبوك بالقول الحسن. قوله : (وجملة لو)