(وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ) منه تعالى ، أي عالما بأنه من أهل الضلالة قبل خلقه (وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ) فلم يسمع الهدي ولم يعقله (وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً) ظلمة فلم يبصر الهدي ويقدر هنا المفعول الثاني لرأيت أيهتدي (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ) بعد إضلاله إياه لا يهتدي (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (٢٣) تتعظون فيه إدغام إحدى التاءين في الذال (وَقالُوا) أي منكرو البعث (ما هِيَ) أي الحياة (إِلَّا حَياتُنَا) التي في (الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا) أي يموت بعض ويحيا بعض بأن يولدوا (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) أي مرور الزمان ، قالت تعالى : (وَما لَهُمْ بِذلِكَ) المقول (مِنْ عِلْمٍ إِنْ) ما (هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) (٢٤) (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) من القرآن الدالة على قدرتنا على البعث (بَيِّناتٍ) واضحات حال (ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا) أحياء (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢٥) أنا نبعث (قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ) حين كنتم نطفا (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ) أحياء (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ) شك (فِيهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) وهم القائلون ما ذكر (لا يَعْلَمُونَ) (٢٦)
____________________________________
الزائغة. قوله : (أي عالما بأنه من أهل الضلالة) أشار بذلك إلى أن قوله : (عَلى عِلْمٍ) من الفاعل ، ويصح أن يكون حالا من المفعول ، والمعنى أضله في حال كونه عالما بالحق غير جاهل به ، فهو أشد قبحا.
قوله : (غِشاوَةً) بكسر الغين أو بفتحها ، مع سكون الشين وحذف الألف ، قراءتان سبعيتان ، وقرىء شذوذا بفتح الغين وضمها ، وإثبات الألف أو بكسر الغين وحذف الألف ، أو بالعين المهملة. قوله : (وبقدر هنا المفعول الثاني) أي وإنما حذف لدلالة (فَمَنْ يَهْدِيهِ) عليه ، ولا حاجة للتقدير ، إذ يصح أن تكون هي المفعول الثاني ، وقد وصفهم الله تعالى بأربعة أوصاف : الأول قوله : (اتَّخَذَ) إلخ ، الثاني قوله : (وَأَضَلَّهُ) إلخ ، الثالث قوله : (وَخَتَمَ) إلخ ، الرابع قوله : (وَجَعَلَ) إلخ ، فكل وصف منها مقتض للضلالة ، فلا يمكن إيصال الهدى إليه بوجه من الوجوه. قوله : (إحدى التاءين) أي الثانية. قوله : (أي الحياة) بيان لمرجع الضمير ، ويقال لهذا الضمير ضمير قصة. قوله : (أي يموت بعض) إلخ ، دفع بذلك ما يقال إن قولهم (نَمُوتُ وَنَحْيا) فيه اعتراف بالحياة بعد الموت ، مع أنهم ينكرونها ، ويجاب أيضا : بأن الآية فيها تقديم وتأخير ، أي نحيا ونموت. قوله : (أي مرور الزمان) أي فكان الجاهلية يقولون : الدهر هو الذي يهلكنا ، وهو الذي يحيينا ويميتنا ، ولذلك رد عليهم بقوله صلىاللهعليهوسلم : «كان أهل الجاهلية يقولون : وما يهلكنا إلا الليل والنهار ، وهو الذي يحيينا ويميتنا ، فيسبون الدهر ، فقال تعالى : يؤذيني ابن آدم ، يسب الدهر وأنا الدهر ، بيدي الأمر ، أقلب الليل والنهار». والحاصل أن فرقة من الكفار يسمون الدهرية ، ينسبون الفعل ضرا أو نفعا للزمان ، فرد عليهم بما تقدم. قوله : (المقول) أي وهو قولهم (ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) إلخ. قوله : (واضحات) أي ظاهرات. قوله : (حال) أي من (آياتُنا).
قوله : (ما كانَ حُجَّتَهُمْ) بالنصب خبر (كانَ) وقوله : (إِلَّا أَنْ قالُوا) اسمها ، أي إلا قولهم ، وتسميتها حجة على سبيل التهكم ، أو على حسب زعمهم. قوله : (ائْتُوا بِآبائِنا) أي الذين ماتوا قبلنا. قوله : (قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ) رد لقولهم : (ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ.) قوله : (وهم) أي الأكثر ، وجمع باعتبار