أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ) ملتبسا (بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٣٨) بحجة واضحة (فَتَوَلَّى) أعرض عن الإيمان (بِرُكْنِهِ) مع جنوده لأنهم له كالركن (وَقالَ) لموسى هو (ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (٣٩) (فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ) طرحناهم (فِي الْيَمِ) البحر فغرقوا (وَهُوَ) أي فرعون (مُلِيمٌ) (٤٠) آت بما يلام عليه ، من تكذيب الرسل ودعوى الربوبية (وَفِي) إهلاك (عادٍ) آية (إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) (٤١) هي التي لا خير فيها ، لأنها لا تحمل المطر ولا تلقح الشجر وهي الدبور (ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ) نفس أو مال (أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) (٤٢) كالبالي المتفتت (وَفِي) إهلاك (ثَمُودَ) آية (إِذْ قِيلَ لَهُمْ) بعد عقر الناقة (تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ) (٤٣) أي إلى انقضاء آجالكم كما في آية (تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَعَتَوْا) تكبروا (عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) أي عن امتثاله (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) بعد مضي الثلاثة أيام أي الصيحة المهلكة (وَهُمْ يَنْظُرُونَ) (٤٤) أي بالنهار (فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ) أي ما قدروا على النهوض حين نزول العذاب (وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ) (٤٥)
____________________________________
قوله : (إِذْ أَرْسَلْناهُ) الظرف متعلق بآية المحذوف ، والمعنى : تركنا في قصة موسى علامة في وقت إرسالنا إياه. قوله : (ملتبسا) (بِسُلْطانٍ) الخ ، أشار بذلك إلى أن الجار والمجرور متعلق بمحذوف حال ، والباء للملابسة. قوله : (بحجة واضحة) أي وهي الآيات التسع. قوله : (كالركن) أي كركن البيت الذي يعتمد عليه ، فسمى الجنود ركنا ، لأنه يحصل بهم التقوى والاعتماد ، كما يعتمد على الركن. قوله : (وَقالَ) (لموسى) أي شأن موسى. قوله : (ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) يحتمل أن (أَوْ) على بابها من الإبهام على السامع أو للشك ، نزل نفسه منزلة الشك تمويها على قومه ، ويحتمل أنها بمعنى الواو وهو الأحسن لأنه قالهما ، قال تعالى : (إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ) وقال في موضع آخر (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ). قوله : (وَجُنُودَهُ) معطوف على مفعول (أخذناه). قوله : (وَهُوَ مُلِيمٌ) الجملة حالية من مفعول (أخذناه). قوله : (آت بما يلام عليه) أشار بذلك إلى أن اسناد الإيلام مجاز عقلي على حد عيشة راضية. قوله : (من تكذيب الرسول) الخ ، اشار بذلك إلى أن الفعل الذي يحصل اللوم عليه مختلف باعتبار من وصف به ، فاندفع بذلك ما يقال : كيف وصف فرعون بما وصف به ذو النون.
قوله : (وَفِي) (إهلاك) (عادٍ) الخ ، أي فما تقدم من تقدير المضاف ، والمفعول يأتي هنا. قوله : (التي لا خير فيها) أي فالعقم في الأصل وصف للمرأة التي لا تلد ، وصفت به الريح من حيث إنها لا تأتي بخير. قوله : (وهي الدبور) وقيل هي الجنوب ، وقيل هي النكباء ، وهي كل ريح هبت بين ريحين ، والأظهر ما قاله المفسر لما في الحديث : «نصرت بالصبا واهلكت عاد بالدبور». قوله : (إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) هذه الجملة في محل المفعول الثاني لتذر ، كأنه قال : ما تترك شيئا إلا مجعولا كالرميم. قوله : (البالي المتفتت) وقيل : الرميم الرماد ، وقيل : التراب المدقوق ، والمعاني متقاربة.
قوله : (فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) هذا الترتيب في الذكر فقط ، وإلا فقول الله لهم (تَمَتَّعُوا) متأخر عن العتو. قوله : (عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) أي المذكور في سورة هود بقوله : (وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) الخ. قوله : (أي الصيحة المهلكة) أي فصاح عليهم جبريل فهلكوا جميعا ، والصاعقة تطلق على النار تنزل من المساء ، وعلى الصيحة وهو المراد هنا. قوله : (أي بالنهار) أشار بذلك إلى أن قوله : (وَهُمْ يَنْظُرُونَ)