خلق كل منكم من نطفة ثم علقة ثم مضغة إلى أن صار إنسانا (وَ) خلق (ما يَبُثُ) يفرق في الأرض (مِنْ دابَّةٍ) هي ما يدب على الأرض من الناس وغيرهم (آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (٤) بالبعث (وَ) في (اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) ذهابهما ومجيئهما (وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ) مطر لأنه سبب الرزق (فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ) تقليبها مرة جنوبا ومرة شمالا وباردة وحارة (آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٥) الدليل فيؤمنون (تِلْكَ) الآيات المذكورة (آياتُ اللهِ) حججه الدالة على وحدانيته (نَتْلُوها) نقصها (عَلَيْكَ بِالْحَقِ) متعلق بنتلو (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ) أي حديثه وهو القرآن (وَآياتِهِ) حججه (يُؤْمِنُونَ) (٦) أي كفار مكة أي لا يؤمنون ، وفي قراءة بالتاء (وَيْلٌ) كلمة عذاب (لِكُلِّ أَفَّاكٍ) كذاب (أَثِيمٍ) (٧) كثير الإثم (يَسْمَعُ آياتِ اللهِ) القرآن (تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ) على كفره (مُسْتَكْبِراً) متكبرا عن الإيمان (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٨) مؤلم (وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا) أي القرآن (شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً) أي مهزوءا
____________________________________
(آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) و (آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ففيه قراءتان سبعيتان ، الرفع والنصب بالكسرة ، فالرفع على أن قوله : (فِي خَلْقِكُمْ) خبر مقدم ، و (آياتٌ) مبتدأ مؤخر ، والجملة معطوفة على جملة (إِنَّ فِي السَّماواتِ) والنصب على أن (آياتٌ) معطوف على آيات الأول ، الذي هو اسم (إِنَ) وقوله : (وَفِي خَلْقِكُمْ) معطوف على قوله : (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الواقع خبرا لأن ، ففيه العطف على معمولي عامل واحد ، وهو جائز باتفاق. قوله : (وَ) (خلق) (ما يَبُثُ) أشار بذلك إلى أنه معطوف على (خَلْقِكُمْ) المجرور بفي على حذف مضاف. قوله : (هي ما يدب) أي يتحرك. قوله : (وَ) (في) (اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أشار المفسر إلى أن حرف الجر مقدر ، يؤيده القراءة الشاذة بإثباته. قوله : (بَعْدَ مَوْتِها) أي يبسها. قوله : (وباردة وحارة) لف ونشر مشوش وترك الصبا والدبور ، فالرياح أربع.
قوله : (تِلْكَ آياتُ اللهِ) مبتدأ وخبر ، وجملة (نَتْلُوها) حال. قوله : (الآيات المذكورة) أي وهي السماوات والأرض وما بعدهما. قوله : (متعلق بنتلو) أي على أنه عامل فيه مع كونه حالا ، والياء للملابسة. قوله : (أي لا يؤمنون) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا. قوله : (كلمة عذاب) أي فيطلق على العذاب ، ويطلق على واد في جهنم. قوله : (كذاب) أي كثير الكذب على الله وخلقه. قوله : (كثير الإثم) أي المعاصي. قوله : (يَسْمَعُ آياتِ اللهِ) إما مستأنف أو حال من الضمير في (أَثِيمٍ.) قوله : (تُتْلى عَلَيْهِ) حال من (آياتِ اللهِ.) قوله : (ثُمَّ يُصِرُّ) (على كفره) (ثُمَ) للترتيب الرتبي ، والمعنى : أن إصراره على الكفر ، حاصل بعد تقدير الأدلة المذكورة وسماعه إياها.
قوله : (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنْ) مخففة على حذف منها ضمير الشأن ، والجملة إما مستأنفة أو حال. قوله : (فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) سماه بشارة تهكما بهم ، لأن البشارة هي الخبر السار.
قوله : (وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً) أي إذا بلغه شيء وعلم أنه من آياتنا اتخذها هزوا ، إلخ ، وذلك نحو قوله في الزقوم : إنه الزبد والتمر ، وقوله في خزنة جهنم : إن كانوا تسعة عشر فأنا ألقاهم وحدي.