بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الحجرات
مدنيّة
وآياتها ثماني عشرة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا) من قدم بمعنى تقدم أي لا تتقدموا بقول ولا فعل (بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) المبلغ عنه أي بغير إذنهما (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ
____________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الحجرات مدنية
وهي ثمان عشرة آية
أي بالإجماع ، وهذه أوائل السور المسماة بالمفصل ، واختلف في تسميته بذلك ، فقيل : لكثرة الفصل فيه بين السور ، وقيل : لكون جميعه محكما لا نسخ فيه ، قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ذكر هذه اللفظة في هذه السورة خمس مرات ، اعتناء بشأن المؤمنين في الأوامر والنواهي ، نظير خطابات لقمان لابنه في قوله : (يا بَنِي) ولئلا يتوهم أن المخاطب ثانيا غير المخاطب أولا ، وذكر (يا أَيُّهَا النَّاسُ) مرة خطابا لما يعم المؤمن والكافر ، لمناسبة ما يترتب عليه من قوله تعالى (إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) وهذه السورة جمعت آدابا ظاهرية وباطنية ، وأوامر ونواهي ظاهرية وباطنية ، عامة وخاصة ، فهي متضمنة طريقة الصوفية التي من تمسك بها وصل. قوله : (من قدم بمعنى تقدم) العامة على ضم التاء وفتح القاف وتشديد الدال مكسورة ، وفيها وجهان أحدهما : إنه متعد حذف مفعوله اقتصارا كقولهم : هو يعطي ويمنع ، وكلوا واشربوا ، والأصل لا تقدموا ما لا يصلح. والثاني : أنه لازم نحو وجه وتوجه ، ويعضده قراءة ابن عباس والضحاك (لا تُقَدِّمُوا) بالفتح في الثلاثة ، والأصل لا تتقدموا ، فحذفت إحدى التاءين ، وفي الآية استعارة تمثيلية ، حيث شبه تجري الصحابة على الحكم ، في أمر من أمور الدين ، بغير إذن من الله ورسوله ، بحالة من تقدم بين يدي متبوعه إذا سار في طريقه من غير إذن ، فإنه في العادة مستهجن ، ثم استعمل في جانب المشبه ما كان في جانب المشبه به من الألفاظ ، والغرض التنفير من التجري بغير إذن الله ورسوله ، ومثله قوله تعالى في حق الملائكة (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ) أصله لا يسبق قولهم قوله ، فمدحهم بنفي السبق ، تنبيها على استهجان السبق ، أو المراد بين يدي رسول الله ، وذكر لفظ الله تعظيما للرسول ، وإشعارا بأنه من الله بمكان يوجب إجلاله ، وعلى هذا فلا استعارة. قوله : (بقول أو فعل) مثال القول ما ذكره المفسر في سبب النزول أيضا ، من أنهم ذبحوا يوم النحر قبل رسول الله ، فأمرهم أن يعيدوا الذبح. وقال : من ذبح قبل