بِأَلْسِنَتِهِمْ) أي من طلب الاستغفار وما قبله (ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) فهم كاذبون في اعتذارهم (قُلْ فَمَنْ) استفهام بمعنى النفي ، أي لا أحد (يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا) بفتح الضاد وضمها (أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (١١) أي لم يزل متصفا بذلك (بَلْ) في الموضعين للانتقال من غرض إلى آخر (ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ) أي إنهم يستأصلون بالقتل فلا يرجعون (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ) هذا وغيره (وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) (١٢) جمع بائر ، أي هالكين عند الله بهذا الظن (وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً) (١٣) نارا شديدة (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (١٤) أي لم يزل متصفا بما ذكر (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ) المذكورون (إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ) هي مغانم خيبر (لِتَأْخُذُوها ذَرُونا) اتركونا
____________________________________
لأنه لم يكن لنا من يقوم بهم ، وأنت قد نهيت عن ضياع المال والتفريط في العيال. قوله : (فهم كاذبون في اعتذارهم) أي وطلب الاستغفار.
قوله : (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ) الخ ، أي فمن يمنعكم من مشيئته وقضائه؟ قوله : (إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا) أي كقتل وهزيمة ونحوهما. قوله : (بفتح الضاد وضمها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) ترق في الرد عليهم. قوله : (للانتقال من غرض إلى آخر) أي فأضرب عن تكذيبهم في اعتذارهم ، إلى ايعادهم بجزاء أعمالهم ، ومن التخلف والاعتذار الباطل ، ثم أضرب عن بيان بطلان اعتذارهم ، إلى بيان ما حملهم على التخلف ، وهذا على سبيل الترقي في الرد عليهم. قوله : (بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ) أي لا يرجع إلى المدينة ، وسبب ظنهم ذلك ، اعتقادهم عظمة المشركين ، وحقارة المؤمنين ، حتى قالوا : ما هم في قريش إلا أكلة رجل. قوله : (جمع بائر) أي كحائل وحول ، وقيل : البور مصدر بمعنى الهلاك.
قوله : (وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ) لما بين حال المتخلفين عن رسول الله ، وبين حال ظنهم الفاسد ، وأنه يفضي بصاحبه إلى الكفر ، حرضهم على الإيمان والتوبة على سبيل العموم ، و (مَنْ) إما شرطية أو موصولة ، والاسم الظاهر قائم مقام العائد ، وقوله : (فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً) دليل الجواب أو الخبر. قوله : (نارا شديدة) أي فالمراد جميع طبقات النار ، لا الطبقة المسماة بذلك. قوله : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي يتصرف فيهما كيف يشاء. قوله : (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) هذا قطع لطمعهم في استغفاره صلىاللهعليهوسلم لهم ، كأن الله يقول لهم : لا يستحق أحد عندي شيئا ، وإنما أغفر لمن أريد ، وأعذب من أريد ، وقد سبقت حكمتي ، أن المغفرة للمؤمنين ، والتعذيب للكافرين ، فلا تطمعوا في المغفرة ما دمتم كفارا.
قوله : (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ) الخ ، هذا من جملة الإخبار عما يحصل منهم. قوله : (إِذَا انْطَلَقْتُمْ) ظرف لما قبله ، والمعنى يقولون عند انطلاقكم الخ. قوله : (هي مغانم خيبر) أي وذلك أن المؤمنين لما انصرفوا من الحديبية على صلح من غير قتال ، ولم يصيبوا من المغانم شيئا ، وعدهم الله عزوجل فتح