يَسْتَغِيثانِ اللهَ) يسألانه الغوث برجوعه ويقولون إن لم ترجع (وَيْلَكَ) أي هلاكك بمعنى هلكت (آمِنْ) بالبعث (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا) أي القول بالبعث (إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (١٧) أكاذيبهم (أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَ) وجب (عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) بالعذاب (فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) (١٨) (وَلِكُلٍ) من جنس المؤمن والكافر (دَرَجاتٌ) فدرجات المؤمنين في الجنة عالية ، ودرجات الكافرين في النار سافلة (مِمَّا عَمِلُوا) أي المؤمنون من الطاعات والكافرون من المعاصي (وَلِيُوَفِّيَهُمْ) أي الله ، وفي قراءة بالنون (أَعْمالَهُمْ) أي جزاءها (وَهُمْ لا
____________________________________
الشخص الذي قال لوالديه الخ ، ويحتمل أنه مبتدأ خبره قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) الخ ، والمراد منه الجنس لا شخص معين ، ولذا أخبر عنه بالجمع مراعاة لمعناه ، فهي واردة في كل شخص كافر عاق لوالديه المسلمين ، وهذا هو الصحيح ، خلافا لمن شذ وقال : إن هذه الآية نزلت في حق عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قبل إسلامه ، فإنه كان من أفاضل الصحابة وخيارهم ، وقد كذبت الصديقة من قال ذلك ، ويرده أيضا قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) الخ. قوله : (وفي قراءة بالادغام) أي وهي سبعية أيضا. قوله : (بكسر الفاء) أي مع التنوين وتركه ، قوله : (وفتحها) أي من غير تنوين ، فالقراءات ثلاث سبعيات ، وهو مصدر أف يؤف أفا ، بمعنى نتنا وقبحا ، أو هو اسم صوت يدل على تضجر ، أو اسم فعل أتضجر ، والمفسر أشار لاثنين منها بقوله : (بمعنى مصدر) وبقوله : (أتضجر منكما). قوله : (أي نتنا) النتن القذارة والرائحة الكريهة ، وهو كناية عن عدم الرضا بفعلهما والتضجر منهما. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا.
قوله : (أَنْ أُخْرَجَ) هذا هو الموعود به ، والباء محذوفة أي بأن أخرج ، وحذف الجار مع أن مطرد. قوله : (وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي) الجملة حالية. قوله : (ولم تخرج من القبور) أي زعما منه أن الخروج من القبور لو كان صدقا ، لحصل قبل انقضاء الدنيا. قوله : (وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ) اعلم أن مادة الاستغاثة تتعدى بنفسها تارة ، وبالباء أخرى ، لكن لم ترد في القرآن إلا متعدية بنفسها. قال تعالى (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ.) قوله : (يسألانه الغيث) أي اغاثة ذلك الولد بتوفيقه للإسلام. قوله : (وَيْلَكَ) معمول لمحذوف قدره المفسر بقوله : (ويقولون) الخ ، وذلك المحذوف حال من فاعل يستغيثان. والمعنى : يستغيثان الله حال كونهما قائلين (وَيْلَكَ) فهو فعل أمر. قوله : (آمِنْ) أي صدق واعترف.
قوله : (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) جملة مستأنفة أو تعليل لما قبلها. قوله : (أكاذيبهم) أي اخترعوها من غير أن يكون لها أصل. قوله : (فِي أُمَمٍ) حال من ضمير (عَلَيْهِمُ) ، والمعنى ثبت عليهم القول في عداد أمم ، الخ. قوله : (إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) أي كافرين ابتداء وانتهاء. قوله : (وَلِكُلٍ) خبر مقدم ، و (دَرَجاتٌ) مبتدأ مؤخر. والمعنى لكل شخص من المؤمنين والكفار. قوله : (دَرَجاتٌ) في الكلام تغليب ، لأن مراتب أهل النار يقال لها دركات بالكاف لا بالجيم ، أو تسمح حيث أطلق الدرجات ، وأراد المنازل مطلقا ، علوية أو سفلية ، قوله : (مِمَّا عَمِلُوا) أي من أجل ما عملوا من خير وشر. قوله : (وَلِيُوَفِّيَهُمْ) عطف علة على معلول ، والمعنى جازاهم بذلك ليوفيهم. قوله : (أي جزاءها) أشار بذلك