بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ) بفتح السين وضمها في المواضع الثلاثة ، ظنوا أنه لا ينصر محمدا صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) بالذل والعذاب (وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ) أبعدهم (وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً) (٦) أي مرجعا (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً) في ملكه (حَكِيماً) (٧) في صنعه ، أي لم يزل متصفا بذلك (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً) على أمتك في القيامة (وَمُبَشِّراً) في الدنيا بالجنة (وَنَذِيراً) (٨) منذرا مخوفا فيها من عمل سوءا بالنار (لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) بالياء والتاء فيه وفي الثلاثة بعده (وَتُعَزِّرُوهُ) ينصروه وقرىء بزاءين مع الفوقانية (وَتُوَقِّرُوهُ) يعظموه وضميرهما لله أو لرسوله (وَتُسَبِّحُوهُ) أي الله (بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (٩) بالغداة
____________________________________
في علمه وقضائه.
قوله : (وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ) قدمهم على المشركين ، لأنهم أشد ضررا من الكفار المتجاهرين ، وذلك لأن المؤمن كان يتوقى المجاهر ، ويخالط المنافق ، لظنه إيمانه. قوله : (ظَنَّ السَّوْءِ) إما من إضافة الموصوف لصفته على مذهب الكوفيين ، أو أن (السَّوْءِ) صفة لموصوف محذوف ، أي ظن الأمر السوء ، فحذف المضاف اليه ، وأقيمت صفته مقامه. قوله : (بفتح السين وضمها) أي فالفتح الذم ، والضم العذاب ، والهزيمة والشر. قوله : (في المواضع الثلاثة) أي هذين والثالث قوله فيما يأتي (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ) وهو سبق قلم ، والصواب أن يقول : في الموضع الثاني ، وأما الأول والثالث فليس فيهما إلا الفتح بإتفاق السبعة.
قوله : (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) إما اخبار عن وقوعه بهم أو دعاء عليهم ، كأن الله يقول : سلوني بقلوبكم (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) والدائرة عبارة عن الخط المحيط بالمركز ، ثم استعملت في الحادثة المحيطة بمن وقعت عليه ، والجامع الإحاطة في كل. قوله : (وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) عطف على قوله : (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ). قوله : (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الخ ، ذكر هذه الآية أولا في معرض الخلق والتدبير ، فذيلها بقوله : (عَلِيماً حَكِيماً) وذكرها ثانيا في معرض الانتقام فذيلها بقوله : (عَزِيزاً حَكِيماً) فلا تكرار. قوله : (أي لم يزل) الخ ، أشار بذلك إلى أن (كانَ) في أوصاف الله معناها الاستمرار.
قوله : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ) الخ ، امتنان منه تعالى عليه صلىاللهعليهوسلم حيث شرفه بالرسالة ، وبعثه إلى كافة الخلق ، شاهدا على أعمال أمته. قوله : (شاهِداً) (على أمتك) أي بالطاعة والعصيان. قوله : (لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ) متعلق ب (أَرْسَلْناكَ.) قوله : (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (وقرىء) أي شذوذا. قوله : (وضميرهما لله) الخ ، أي فهما احتمالان ، أي فإذا أردت الجري على وتيرة واحدة ، جعلتها كأنها عائدة على الله تعالى ، وأما قوله : (وَتُسَبِّحُوهُ) فهو عائد على الله قولا واحدا ، ويؤخذ من هذه الآية ، أن من اقتصر على تعظيم الله وحده ، أو على تعظيم الرسول وحده ، فليس بمؤمن ، بل المؤمن من جمع بين تعظيم الله تعالى ، وتعظيم رسوله ، ولكن التعظيم في كل بحسبه ، فتعظيم الله تنزيهه عن صفات الحوادث ، ووصفه بالكمالات ، وتعظيم رسوله اعتقاد أنه رسول الله حقا وصدقا لكافة الخلق ، بشيرا ونذيرا ، إلى غير ذلك من أوصافه السنية وشمائله المرضية.