ولا يخفى عليك أنّ قبول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فرع التبادر المذكور وليس هو دليلا آخر وبالجملة قبول رسول الله صلىاللهعليهوآله إسلام من قال كلمة لا إله إلّا الله وأيضا تسمية الكلمة المذكورة بكلمة الإخلاص والتوحيد من شواهد تبادر الاختصاص والحصر من الاستثناء.
ثمّ إنّه وقع الكلام في أنّ المستفاد من كلمة التوحيد هو توحيد الذات أو توحيد المعبود ذهب الشيخ الأعظم قدسسره إلى الأوّل وقال في مقام إثباته واندفاع هذا الإشكال وهو أنّ إثبات عنوان الإلهيّة لله تعالى أمّا أن يكون بالفعل أو بالإمكان فعلى الأوّل لا يدلّ على نفي إمكان الغير وعلى الثاني لا يدلّ على ثبوت العنوان له تعالى فعلا بأنّ الأوجه على ما صرّح به بعض المحققين أنّ المنساق من ذلك ليس إلّا إثبات عنوان الإلهيّة لله تعالى فعلا وأمّا نفي إمكان غيره فإنّما هو بواسطة ملازمة واقعيّة بينهما ولا يضرّ خفاء تلك الملازمة فإنّ ما اختفى منهما إنّما هو الالتفات إليها تفصيلا بمعنى عدم الشعور بعلمها وأمّا العلم بنفس الملازمة فإنّما هو ممّا فطره الله تعالى عليه عامّة الخلق ـ إلى أن قال ـ وعلى تقدير الاختفاء فلا مانع من القول بكفاية ذلك في الحكم بالإسلام سيّما في صدر الإسلام كما صرّح به جماعة (١).
وتبعه في الكفاية أيضا حيث قال : والإشكال في دلالتها عليه بأنّ خبر لا إمّا يقدر ممكن أو موجود وعلى كلّ تقدير لا دلالة لها عليه أمّا على الأوّل فإنّه حينئذ لا دلالة لها إلّا على إثبات إمكان وجوده تبارك وتعالى لا وجوده وأمّا على الثاني فلأنّها وإن دلّت على وجوده تعالى إلّا أنّه لا دلالة لها على عدم إمكان إله آخر.
مندفع بأنّ المراد من الإله هو واجب الوجود ونفي ثبوته ووجوده في الخارج وإثبات فرد منه فيه وهو الله يدلّ بالملازمة البيّنة على امتناع تحقّقه في ضمن غيره
__________________
(١) مطارح الأنظار : ص ١٨٦.