وقد عرفت في أول الكتاب أن الملاك في الأصولية صحة وقوع نتيجة المسألة في طريق الاستنباط ، ولو لم يكن البحث فيها عن الأدلة الأربعة ، وإن اشتهر في ألسنة الفحول كون الموضوع في علم الأصول هي الأدلة ، وعليه لا يكاد يفيد في ذلك ـ أي كون هذه المسألة أصولية ـ تجشم دعوى أن البحث عن دليلية الدليل بحث عن أحوال الدليل ، ضرورة أن البحث في المسألة ليس عن دليلية الأدلة ، بل عن حجية الخبر الحاكي عنها ، كما لا يكاد يفيد عليه تجشم دعوى أن مرجع هذه المسألة إلى أن السنّة ـ وهي قول الحجة أو فعله أو تقريره ـ هل تثبت بخبر الواحد ، أو لا تثبت إلّا بما يفيد القطع من التواتر أو القرينة؟ فإن التعبد بثبوتها مع الشك فيها لدى الأخبار بها ليس من عوارضها ، بل من عوارض مشكوكها ، كما لا يخفى ، مع
______________________________________________________
كلام الشيخ قدسسره بأنّ الكلام في المقام ليس في اعتبار ظهور الخبر الواحد فإنّ البحث فيه يدخل فيما تقدّم من بحث اعتبار الظواهر ولا في اعتبار جهة الصدور ، فإنّه لا ينبغي التأمل في أنّ الأصل في كلام كل متكلّم ومنه المعصوم عليهالسلام كونه لبيان المراد الجدّي على ما تقدّم في بيان أصالة التطابق ولا يحمل كلامه على التقية ونحوها إلّا مع قيام القرينة على الخلاف ، والكلام في المقام في أنّ الكلام الصادر عن الراوي كالصادر عن المعصوم عليهالسلام بمعنى أنّ مغزى البحث في المقام أنّ خبر العدل منزّل منزلة قول الإمام عليهالسلام أم لا ، ولو كان في البين دليل على التنزيل يتّصف الخبر بكونه منزلا كما تتّصف السنّة بكونها منزل عليها بالإضافة إلى خبر العدل فيرجع البحث في المقام إلى البحث في عوارض السنّة وأنّها منزل عليها بالإضافة إلى الخبر الواحد أو خبر العدل أم لا ، ولكن يرد على هذا التوجيه أمران.
الأول : ما ذكر الماتن من أنّ الملاك في كون مسألة من أيّ علم العنوان المذكور في المسألة في ناحية موضوعها والمحمول فيها.