.................................................................................................
______________________________________________________
فلا حاجة إلى دعوى كون المراد من المشتبه من جهة الحكم الواقعي والظاهري وما لم يرد فيه التعليل فهو قابل للتخصيص ، وعن المحقق النائيني قدسسره أنه يحتمل قريبا أن يكون المراد في الأخبار الوارد فيها الأمر بالوقوف عند الشبهة فإن الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة أمر آخر ، وهو أن الاقتحام في الشبهات يوجب وقوع المكلف في المحرمات لا أن نفس ارتكاب الشبهة حرام يوجب العقاب إذا صادف الحرام الواقعي ، فإن الشخص إذا لم يجتنب عن الشبهات وعود نفسه على ارتكابها هان عليه ارتكاب المحرم ، بخلاف من تعود نفسه على عدم ارتكابها ، وقد ورد نظير ذلك في المكروهات حيث إن تعود النفس على ارتكابها وعدم مبالاته فيها رأسا يؤدي إلى جرأته على ارتكاب بعض المحرم ، كما أن الشخص لو لم يعتن بالمعصية الصغيرة ، وارتكبها مرارا هانت عليه الكبيرة.
وبالجملة يحصل من التعود على ترك المشتبهات ملكة التجنب عن المحرمات وإلى ذلك يشير قوله عليهالسلام في خطبته على ما في مرسلة الفقيه : «والمعاصي حمى الله فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها» (١) ومن الظاهر أن الوقوف عند الشبهة كذلك أمر مستحب كما هو الظاهر من قوله عليهالسلام : «أورع الناس من وقف عند الشبهة» (٢).
أقول : كون الاحتياط في الشبهات موجبا لتعود الإنسان على ترك الحرام وإن كان أمرا صحيحا ، وبهذا الاعتبار لا يبعد الالتزام بكونه أمرا مستحبا نفسيا ، وقد ورد
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٦١ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٧.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٦ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث الأول.