.................................................................................................
______________________________________________________
التحريم ، حيث إن النهي مع الداعي الآخر إلى الفعل أو الترك مؤكد يكون موجبا للقرب فيما إذا كان كل منهما مستقلا في الدعوة بمعنى أنه لو لم يكن للمكلف داع آخر إلى الفعل أو الترك لكان الأمر أو النهي داعيا له إلى الاتيان أو الترك ، وحيث إن الغرض في الأوامر الشرعية والنواهي الشرعية ليس مجرد الفعل أو الترك ، بل الغرض منهما استناد الفعل إلى أمر الشارع به ، واستناد الترك إلى نهيه ، لصح للشارع الأمر والنهي حتى فيما كان للمكلف داع آخر إلى الفعل أو الترك ، ولا يقاس ذلك بالموارد التي يكون الغرض من الأمر والنهي مجرد الإتيان بالمتعلق أو تركه خارجا ، ليكون الأمر والنهي مع داع آخر لا يتخلف عادة عبثا.
لا يقال : لو كان الغرض في الأوامر الشرعية ونواهيه الاستناد في الفعل أو الترك إلى أمر الشارع ونهيه لكانت التكاليف كلها من التعبدي مع أن النواهي كلها والأوامر جلّها توصليات.
فإنه يقال : إنما يكون المتعلق توصليا أو تعبديا لملاك فيه ، فإن كان الملاك فيه غير موقوف على قصد التقرب فهو توصلي ، وإن كان موقوفا على الاستناد وقصد التقرب فهو تعبدي ، وبتعبير آخر في موارد العبادة يتعلق الأمر بالفعل مع قصد التقرب بخلاف التوصلي فإنه يتعلق بذات الفعل على ما أوضحنا في بحث التعبدي والتوصلي ، وأما الغرض من التكليف في كل من التعبدي والتوصلي الاستناد ، وربما يشير إلى ذلك قوله سبحانه : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ ،)(١) نعم رعاية هذا الغرض في كل الأوامر والنواهي من مراتب تكميل النفس والتقرب إليه سبحانه.
__________________
(١) سورة البينة : الآية ٥.