عدم إصابته ، كما هو شأن الحجة غير المجعولة ، فلا يلزم اجتماع حكمين مثلين أو ضدين ، ولا طلب الضدين ولا اجتماع المفسدة والمصلحة ولا الكراهة والإرادة ، كما لا يخفى.
وأما تفويت مصلحة الواقع أو الإلقاء في مفسدته فلا محذور فيه أصلا ، إذا كانت في التعبد به مصلحة غالبة [١] على مفسدة التفويت أو الالقاء.
______________________________________________________
الشرعيات أيضا ، ويشهد لكونها علما في اعتبار الشارع أيضا أنّ الاعتماد عليها لا يكون تخصيصا أو تقييدا في مثل قوله سبحانه (لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١)(إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(٢) حيث إنّ مثلهما آب عن التخصيص ، واعتبار مثل الظن بالقبلة إذا لم يعلم وجهه من قبيل الاكتفاء بالامتثال الظني في التكليف المحرز بالعلم التفصيلي ، حيث ذكرنا جواز الاكتفاء من الشارع في مثله حتى بالامتثال الاحتمالي كما في مورد قاعدتي الفراغ والتجاوز لا من باب جعل الظن أمارة فتدبر.
[١] وتوضيح الجواب عن المحذور الثالث وهو لزوم تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة هو أنّ الحكم الواقعي المتعلق بالفعل جعله ناش عن مصلحة أو مفسدة في ذلك الفعل ، وأما اعتبار الأمارة القائمة على الحكم الواقعي فناشئ عن الصلاح في نفس الاعتبار لها ، وإذا كانت مصلحة في اعتبارها فلا محذور في تفويت المصلحة أو ابتلاء المكلف في المفسدة في بعض الأحيان.
وبتعبير آخر أنّ الأمارة القائمة بوجوب فعل أو حرمته أو إباحته إما أن تكون معتبرة بنحو السببية والموضوعية ، بأن يكون قيامها بحكم فعل موجبا لحدوث مصلحة أو مفسدة في ذلك الفعل أو زوال المصلحة أو المفسدة عنه ، بحيث يكون
__________________
(١) سورة الإسراء : الآية ٣٦.
(٢) سورة يونس : الآية ٣٦.