فبيان عدم صحة الالتزام مع الشك في التعبد ، وعدم جواز إسناده إليه تعالى غير مرتبط بالمقام ، فلا يكون الاستدلال عليه بمهم ، كما أتعب به شيخنا العلامة ـ أعلى الله مقامه نفسه الزكية ، بما أطنب من النقض والإبرام ، فراجعه بما علقناه عليه ، وتأمل.
______________________________________________________
بقي في المقام أمران :
أحدهما : أنّه ربما يتمسك عند الشك في اعتبار أمارة بالاستصحاب في عدم اعتبارها ، ويناقش فيه أنّ الاستصحاب إنّما يجري في ناحية عدم الشيء إذا كان عدمه موضوعا لحكم شرعي ، وأما إذا كان الموضوع للحكم الشرعي أو الأثر العقلي مجرد عدم العلم به ففي مثل ذلك لا مورد للاستصحاب في ناحية عدمه ، وقد تقدم أنّ مع عدم إحراز اعتبار الأمارة يترتب عليها حرمة التعبد وإسناد مدلولها إلى الشارع ، ولا تكون منجزة للتكليف فيما إذا أصابت ولا معذرة فيما أخطات.
واورد على ذلك بأنّ المستصحب إذا كان حكما شرعيا تكليفيا أو وضعيا يجري الاستصحاب في ناحية عدمه.
وبتعبير آخر إذا كان الشك في وجوب فعل كافيا في جريان أصالة البراءة بعد الفحص في وجوبه فلا يمنع ذلك عن جريان الاستصحاب في ناحية عدم جعله ، كما أنّ جريان أصالة الطهارة في شيء إذا شك في جعل النجاسة له لا يمنع عن الاستصحاب في ناحية عدم جعل النجاسة له.
وفيه أنّ مفاد الأصلين في مثل هذه الموارد مختلف ؛ ولذا يكون مع جريان الاستصحاب في ناحية عدم جعل الوجوب أو النجاسة حاكما على أصالة البراءة أو قاعدة الطهارة ، وهذا بخلاف حرمة التشريع والتعبد بمدلول أمارة لم يعلم اعتبارها ، فإنّ الموضوع للحرمة شيء واحد وخصوصية العلم بعدم اعتبارها أو عدم العلم