في نفسه : ما أرى أنّ الله عزوجل خلق خلقاً أعلم منّي ، فأوحى الله عزوجل إلى جبرئيل : يا جبرئيل ، أدرك عبدي موسى قبل أن يهلك ، وقلْ له : إنّ عند ملتقى البحرين رجلاً عابداً فاتّبعه وتعلّم منه ، فهبط جبرئيل على موسى بما أمره به ربّه عزوجل ، فعلم موسى أنّ ذلك لِما حدّثت به نفسه ، فمضى هو وفتاه يوشع بن نون حتّى انتهيا إلى ملتقى البحرين ، فوجدا هناك الخضر عليهالسلام يتعبّد الله عزوجل ، كما قال عزوجل في كتابه : ( فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ).
( لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ).
( قَالَ ) له الخضر : ( إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ) لأنّي وكّلت بعلم لا تطيقه ، ووكّلت أنت بعلم لا أُطيقه (١) .
قال موسى له : بل أستطيع معك صبراً.
فقال له الخضر : إنّ القياس لا مجال له في علم الله وأمره ، ( وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ) ؟
( قَالَ ) موسى : ( سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ) ، فلمّا استثنى المشيئة قبله ( قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ) .
فقال موسى عليهالسلام : لك ذلك علَيَّ ( انطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ) الخضر عليهالسلام فـ( قَالَ ) له موسى عليهالسلام : ( أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا *
__________________
(١) في «ح ، س ، ن ، ش ، ع» : ووكّلت بعلم اُطيقه.