قَالَ ) موسى : ( لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ) أي : بما تركت من أمرك ( وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا * فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ ) الخضر عليهالسلام فغضب موسى وأخذ بتلابيبه (١) و( قَالَ ) له : ( أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا ).
قال له الخضر : إنّ العقول لا تحكم على أمر الله تعالى ذكره ، بل أمر الله يحكـم عليها ، فسلِّم لِما ترى منّي واصبر عليه ، فقد كنت علمت أنّك لـن تستطيع معي صبـراً ( قَالَ ) مـوسى : ( إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا * فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ ) وهي الناصرة ، وإليها تنسب النّصارى ( اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ ) فوضع الخضر عليهالسلام يـده عليه ( فَأَقَامَهُ ) ، فـ( قَالَ ) له موسى : ( لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ).
( قَالَ ) له الخضر : ( هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ) ، فقال : ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ )صالحة( غَصْبًا ) (٢) ، فأردت بما فعلت أن تبقى لهم ولايغصبهم الملك عليها».
فنسب الإبانة (٣) في هذا الفعل إلى نفسه لعلّة ذكر التعييب؛ لأنّه أراد
__________________
(١) يقال : لبّبه وأخذ بتلبيبه وتلابيبه : إذا جمعت ثيابه عند صدره ونحوه ثمّ جَررْته. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير ١ : ١٨٩ / تلب.
(٢) سورة الكهف ١٨ : ٦٥ ـ ٧٩.
(٣) في المطبوع : الأنانية ، وما أثبتناه من النسخ والبحار ، وكذلك الموارد التالية.