أن يعيبها عند الملك إذا شاهدها فلا يغصب المساكين عليها ، وأراد الله عزوجل صلاحهم بما أمره به من ذلك.
ثمّ قال : ( وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ) ، وطلع كافراً ، وعلم الله تعالى ذكره أنّه إن بقي كفر أبواه وافتتنا به وضلاّ بإضلاله إيّاهما ، فأمرني الله تعالى ذكره بقتله ، وأراد بذلك نقلهم إلى محلّ كرامته في العاقبة ، فاشترك بالإبانة بقوله : ( فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ) (١) وإنّما اشترك في الإبانة (٢) ؛لأنّه خشي ، والله لا يخشى؛ لأنّه لا يفوته شيء ولا يمتنع عليه أحدأراده ، وإنّما خشي الخضر من أن يحال بينه وبين ما أمر فيه فلا يدرك ثواب الإمضاء فيه ، ووقع في نفسه أنّ الله تعالى ذكره جعله سبباً لرحمة أبوي الغلام فعمل فيه وسط (٣) الأمر من البشريّة ، مثل ما كان عمل في موسى عليهالسلام ؛ لأنّه صار
__________________
(١) سورة الكهف ١٨ : ٨٠ ، و٨١.
(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : لعلّ المراد بالإبانة طلب الامتياز وإظهار الفضل بنسبة الأفعـال إلى نفسه ، وكـان المناسب أن ينسـب الخشية إلى نفسـه والإرادة إلى الله تعالى ، فنسبة الخشيـة إليه تعالى والإرادة إلى نفسه كان ممّا عمل فيه في وسط الأمر من البشرية . ويمكن أن يكون المراد بالإبانة إظهار أصل الفضل ، ثمّ قوله عليهالسلام : «لأنّه خشي»يمكن أن يكون تعليلاً لأحد جزأي الاشتراك أعني نسبته إلى نفسه فيكون نسبته إليه تعالى بناءً على التوسّع ؛ لأنّه كثيراً مّا ينسب ما يفعله العبد إلى سيّده ، أو يكون قوله عليهالسلام : «فعمل فيه وسط الأمر» ، تتمّة للتعليل بك يحبطه عند دقيق النظر ، هذا ماخطر بالبال في هذا المقام ، والله أعلم لحقيقة الحال. (م ق ر رحمهالله ).
(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي في وسط الأمر ؛ إذ في أوّل النظر وآخرها نسب الإرادة إلى الله ، وإنّما اشترك في الإرادة في وسطها ، وقيل : وسط الأمر ، فاعل