فقال : أعوان كلّ ظالم إلاّ من عصم الله منكم ، سل عمّا بدا لك.
فقال : يا عبدالله بن عبّاس ، إنّي جئتك أسألك عمّن قتله علي بن أبي طالب عليهالسلام من أهل لا إله إلاّ الله لم يكفروا بصلاة؟ ولا بحجّ؟ ولابصوم شهر رمضان؟ ولابزكاة؟
فقال له عبدالله : ثكلتك اُمّك ، سل عمّا يعنيك ودع ما لا يعنيك.
فقال : ما جئتك أضرب إليك من حمص للحجّ ولا للعمرة ، ولكنّي أتيتك لتشرح لي أمر علي بن أبي طالب عليهالسلام وفعاله.
فقال له : ويلك ، إنّ علم العالم صعب لا تحتمله ولا تقرّ به القلوب الصدئة (١) ، أُخبرك أنّ علي بن أبي طالب عليهالسلام كان مثله في هذه الاُمّة كمثل موسى والعالم عليهماالسلام ؛ وذلك أنّ الله تبارك وتعالى قال في كتابه : ( قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ * وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ ) (٢) فكان موسى يرى أنّ جميع الأشياء قد أُثبتت له ، كما ترون أنتم أنّ علماءكم قد أثبتوا جميع الأشياء ، فلمّا انتهى موسى عليهالسلام إلى ساحل البحر فلقي العالم ، فاستنطق (٣) بموسى؛ ليصل علمه ، ولم يحسده كما حسدتم أنتم علي بن أبي طالب وأنكرتم فضله ، فقال له موسى عليهالسلام : ( هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ) ، فعلم العالم أنّ موسى لايطيق بصحبته ، ولا يصبر على علمه ، فـ( قَالَ ) له :
__________________
(١) أي : هو أن يركبها الرّين بمباشرة المعاصي ، فيذهب بجلائها ، كما يعلو الصدأ وجه المرآةوالسيف ونحوهما. النهاية في غريب الحديث ٣ : ١٤ / صدأ.
(٢) سورة الأعراف ٧ : ١٤٤ و١٤٥.
(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : أي أنطقه الله بسبب موسى عليهالسلام ؛ ليصل علم موسى ويقرّ موسى بالجهل ، فلم يحسده موسى. (م ق ر رحمهالله ).